روما، 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 – في الوقت الذي يتطلب فيه تحول النظم الغذائية في وجه تغير المناخ مستويات غير مسبوقة من التمويل والابتكار المالي، قام الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وهو وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومؤسسة مالية دولية، بزيادة أهدافه في تقديم التمويل بشكل ملموس إلى السكان الريفيين والسكان الضعفاء، بل وتجاوز هذه الأهداف. استثمر الصندوق حتى اليوم أكثر من 1.28 مليار دولار أمريكي في مشروعات تدعم صغار المزارعين من أجل التكيف مع تغير المناخ وإنتاج الغذاء بشكل مستدام للفترة 2022‑2024. ويمثل ذلك 47 في المائة من برنامج القروض والمنح التابع للصندوق، ويتجاوز الهدف المحدد بنسبة 40 في المائة.
وقال رئيس الصندوق، ألفرو لاريو: "إن تغير المناخ يؤثر علينا جميعا، ولكن صغار المزارعين – الذين يزرعون نصف غذائنا تقريبا – هم في الخطوط الأمامية مع أقل الموارد للتكيف. فهؤلاء المزارعون ليسوا مجرد منتجين للأغذية: إنهم العمود الفقاري للاقتصادات الريفية، وركائز النظم الغذائية العالمية، والحراس الرئيسيون لتنوعنا البيولوجي. ويعد الاستثمار في نجاحهم ليس مجرد التزاما أخلاقيا، بل أيضًا استراتيجية اقتصادية سليمة. ولهذا السبب، يعمل الصندوق على زيادة الدعم وتوجيه المزيد من التمويل إلى المجتمعات الريفية."
واستجابة للحاجة الملحة المتزايدة إلى اتخاذ إجراءات بشأن المناخ، قرر الصندوق زيادة إنفاقه على مشروعات التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره من 25 في المائة من برنامجه للقروض والمنح خلال الفترة 2019-2021 إلى 40 في المائة للفترة من عام 2022 إلى عام 2024. وستعمل دورة التمويل القادمة للصندوق من عام 2025 إلى عام 2027 على زيادة حصة الأنشطة المتعلقة بالمناخ في قروضه ومنحه إلى 45 في المائة.
ويبين التقرير أن الصندوق قد أنفق 502.7 مليون دولار أمريكي على تمويل التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره خلال الفترة 2022-2023. وتظهر أحدث الأرقام تسارعا قويا في وتيرة العمل، إذ تكشف أن الصندوق قد استثمر حتى الآن في عام 2024 أكثر من 750 مليون دولار أمريكي من التمويل المناخي لمشروعات الصندوق التي تدعم صغار المزارعين من أجل بناء قدرتهم على الصمود في وجه مناخ متغير.
وفي الفترة 2022-2023، صُممت 78 في المائة من المشروعات لتحسين قدرة صغار المزارعين على التكيف. وحصلت المشروعات في شرق أفريقيا وغربها ووسطها والجنوب الأفريقي على 330.4 مليون دولار أمريكي من المبلغ الإجمالي.
وتقرير الصندوق عن العمل المناخي لعام 2024 مليء بأمثلة واقعية على المشروعات التي يمولها الصندوق في جميع أنحاء العالم، بدءا من الإدارة المستدامة للمياه والمراعي وصولا إلى استعادة النظم الإيكولوجية. فمثلا، يعزز المشروع الموجه لصالح الإقليم شبه القاحل في باهيا في البرازيل التنوع البيولوجي الزراعي من خلال الحدائق الخلفية، البذور وسلالات الكريول. ويعمل المشروع مع 20 مجتمعا محليا من مجتمعات المراعي الجماعية التقليدية، أو ما يُعرف باسم Fundos de pasto، لتوفير التدريب على استعادة الأراضي وحفظ التنوع البيولوجي، وإعادة إنشاء غطاء التربة بالنباتات المحلية وتطوير مشاتل لإنتاج الشتلات. ويعزز المشروع أيضا نظم الحراجة الزراعية المستدامة باستخدام الأنواع المحلية ومكافحة حرائق الغابات. ووصل هذا المشروع إلى 75 000 أسرة ريفية.
ويتعاون الصندوق أيضا مع وكالة الفضاء الأوروبية لاستخدام أحدث البيانات الساتلية وتكنولوجيات الاستشعار عن بعد، لإحداث تحول في مدى قدرة صغار المزارعين على التكيف مع تغير المناخ. ففي قيرغيزستان مثلا، تمنح خرائط المراعي التي تعمل بالسواتل المجتمعات الرعوية القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الرعي المستدام، والحفاظ على موارد الأراضي الحيوية، وتعزيز إنتاجية الثروة الحيوانية. يستطيع المزارعون التخطيط للمستقبل، وإدارة ممارسات الرعي للحفاظ على المراعي الخصبة والمنتجة.
وينتج صغار المزارعين، الذين يعملون في أراضٍ تصل مساحتها إلى خمسة هكتارات، ما يقرب من نصف الغذاء في العالم، وهذه النسبة أعلى بكثير في العديد من البلدان النامية وتصل إلى 70 في المائة في أفريقيا. ووجودهم ضروري للأمن الغذائي والتغذية والحد من الفقر على الصعيدين العالمي والمحلي. وتوفر الزراعة الصغيرة النطاق الغذاء وسبل العيش لجزء كبير من ثلاثة مليارات شخص يعيشون في المناطق الريفية. ومع ذلك، فهم في الخط الأمامي لتغير المناخ، والذي تشير التقديرات إلى أنه سيقلل غلة المحاصيل بنسبة تصل إلى الربع بحلول نهاية هذا القرن.
الصورة: ©IFAD/Andrew Esiebo