فتحي صبّاح (غزة، "الحياة")
"إلى الأعزاء في شركة كهرباء غزة، تحية وبعد: أكلنا ع العتمة، قلنا ماشي. سهرنا ع العتمة، قلنا ماشي. كتبنا ع العتمة، قلنا ماشي. بس انو تخلوني أفرشي أسناني بمعجون الحلاقة، هاي كبيرة".
هذه كلمات كتبتها مواطنة فلسطينية على حسابها على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أمس تشكو فيها من أنها أثناء انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة نظفت أسنانها بمعجون الحلاقة بدلاً من معجون الأسنان.
ويعاني قطاع غزة من أزمات عدة في الكهرباء والغاز المنزلي ووقود السيارات أدت إلى إصابة الكثير من المرافق والمنشآت بالشلل وتهدد قطاعات أخرى، من بينها الصحة وصحة البيئة، بالتوقف عن العمل.
وزاد عدد ساعات قطع التيار الكهربائي في القطاع بعد توقف محطة التوليد عن العمل قبل أيام عدة، إذ وصل الى 18 ساعة يومياً، مقسمة 12 ساعة قطع، ثم ست ساعات وصل، ثم 12 قطع وهكذا دواليك.
وظهرت بارقة أمل أمس بعدما تداول الفلسطينيون في القطاع أنباء مفادها أن الرئيس محمود عباس وعد بإيجاد حل لأزمة الكهرباء الطاحنة التي شغلت الرأي العام وتصدرت اهتمام كل الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي ظل صمت الحكومة التي تقودها حركة "حماس" في القطاع وعجزها عن حل المشكلة وفقد الفلسطينيين الثقة في القيادات الفلسطينية، كتبت مواطنة على صفحتها على "فايسبوك": "عزيزي الرئيس أبو مازن، بتحكي جد ولا مزح؟؟؟ راح تحل قصة الكهرباء في غزة؟؟ الله يرضى عليك يا شيخ". وأضافت: "أنا صوتي الانتخابي، بعد عمر طويل، راح أعطيه لصاحب الحلول الخلاقة لأزمة الكهرباء".
ويعيش نحو 1.8 مليون فلسطيني في القطاع (الشريط الساحلي البالغة مساحته الكلية 365 كيلومتراً مربعاً ويعتبر الأكثر كثافة سكانية في العالم) حالاً من الاحتقان الشديد تقترب من الغليان القابل للانفجار في أي لحظة.
وتفرض اسرائيل حصاراً على القطاع منذ سيطرت "حماس" على القطاع عام 2007، فيما زاد اغلاق أنفاق التهريب من مصر في أعقاب عزل الرئيس المصري "الإخواني" محمد مرسي من ثقل الأزمة الانسانية في القطاع، إذ لم يتمكن الفلسطينيون من تهريب الكثير من السلع، في مقدمها الوقود المستخدم في تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع وفي السيارات أيضاً.
وخلال الأسبوع الأخير، أوقفت اسرائيل توريد الوقود إلى القطاع، ما سبب أزمة اضافية، خصوصاً في قطاع النقل العمومي، فيما تستفحل أزمة الغاز المنزلي ومواد البناء وغيرها.
وكتب ناشط على "فايسبوك": "لن نقبل بأن يجوع شعبنا ويظل في هذا الظلام الدامس، ونحذر من براكين غضب قادمة إذا بقي الشعب الفلسطيني تحت الحصار الظالم".
وقالت حكومة "حماس" في تقرير أصدرته أمس عن تداعيات الحصار إن "انقطاع التيار الكهربائي ينذر بمرحلة قاسية وصعبة من الحصار على الوضع الإنساني والصحي والبيئي". وأضافت أن "توقف محطة توليد الكهرباء من شأنه إغراق قطاع غزة بمشاكل بيئية وصحية غير مسبوقة نتيجة توقف عمل مضخات الصرف الصحي وما يترتب عليها من انعكاسات صحية كبيرة بين صفوف المواطنين، وزيادة الاصابات في حوادث الطرق في الشوارع نتيجة الظلام الدامس".
واعتبرت أن "انقطاع التيار الكهربائي لفترة تصل الى 18 ساعة متتالية سيؤثر في شكل مباشر على صحة المرضى في المستشفيات والمراكز الصحية، خصوصاً أقسام الطوارئ والعناية المركزة وغرف العمليات وحضانات الأطفال وغسيل الكلى والولادة والمختبرات الطبية والأشعة وبنوك الدم وثلاجات الطعوم وثلاجات الأدوية الحساسة وخدمات الرعاية الصحية للأطفال".
وأشارت إلى "خطورة توقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي التي تضخ مباشرة إلى مياه البحر، محدثة بذلك مكرهة صحية وبيئية ستترك انعكاسات صحية خطيرة على المواطنين، وتزيد من فرص انتشار الأمراض الخطيرة والمعدية".
وفي قطاع الزراعة، قالت الحكومة إن "أزمة الغاز تؤثر تأثيراً مباشراً على تربية الدواجن، وإن انخفاض كميات الغاز في وزارة الزراعة انعكس سلباً على قطاع الدواجن، إذ تحتاج تربية الدواجن في القطاع الى نحو 300 طن من الغاز شهرياً لتدفئة صيصان الدجاج اللاحم أو البياض أو الحبش".
(الصورة: فلسطينية تنتظر دورها في محطة للغاز في رفح)