لم تكن التنمية في البحرين بطيئة. فخلال نصف قرن، نمت هذه الدولة الخليجية الصغيرة من أرض صحراوية يقطنها 143 ألف نسمة إلى بلد مكتظ يضم 1.2 مليون مقيم. لكن أحد التغييرات الرئيسية كان طوبوغرافياً.
حتى ستينات القرن العشرين، احتفلت البلاد بأكبر مجموعة في العالم من المدافن التي تعود إلى ما قبل التاريخ، ما شكل أعجوبة أثرية صمدت منذ حضارة دلمون القديمة التي يعود تاريخها إلى 4000 سنة. ولكن خلال العقود التالية، ذهبت 90 في المئة من هذه المدافن ضحية المشاريع السكنية والبنى التحتية.
ولا تقتصر أهمية المدافن الدلمونية على اتساع رقعتها وعددها الكبير الذي بلغ نحو 76 ألفاً، بل تتجاوز ذلك إلى قدمها وندرتها وما تكشفه عن مجتمع قديم. وتعود أقدم هذه المقابر إلى العام 2050 قبل الميلاد، عندما كانت دلمون - وهو الاسم الذي أطلقه السومريون على البلاد - مجرد مجموعة من القبائل، وصولاً إلى العام 1750 قبل الميلاد عندما تحولت إلى قوة اقتصادية مؤثرة في المنطقة.
يقول ستيفن لورسن، وهو عالم آثار يتولى التنقيب عن مجموعة "مدافن ملكية" في منطقة عالي الشمالية: "حياة الناس وتطور مجتمعهم تجمدا في هذه المدافن بشكل لا تمكن رؤيته في أي مكان آخر، حتى باتت مختبراً فريداً لدراسة التقدم الاجتماعي. إنها حقاً أرشيف مهم".
وقد رشحت المدافن المتبقية لإدراجها على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، ما يساهم في حمايتها. لكن بعض الخبراء يعتبرون أن الضرر وقع ولا يمكن إصلاحه.