أمس الخميس 28 تموز (يوليو) هو ما يعرف بـ"يوم تجاوز موارد الأرض"، أي اليوم الذي تم فيه استهلاك كل الموارد التي يمكن لكوكب الأرض أن يجددها في عام واحد، وفقاً لحسابات المنظمات المدافعة عن البيئة.
ووفقاً للمنظمة الأميركية Global Footprint Network، يأتي هذا التاريخ عام 2022 قبل يوم واحد من عام 2021، الأمر الذي يؤكد أن ضعف الاستهلاك الناجم عن الأزمة الصحية كان حلقة عابرة في عام 2020، بسبب تأثير القيود الصحية، وأن "يوم التجاوز" تراجع بمقدار ثلاثة أسابيع مقارنة بعام 2019.
كان يوم التجاوز يُعرف فيما سبق بـ"بيوم الدَيْن البيئي" وهو يمثل المستوى الذي يتخطى من خلاله السكان كمية الموارد المستدامة على الأرض. عند النظر إليها من خلال منظور اقتصادي، يمثل يوم تجاوز الأرض اليوم الذي تدخل فيه البشرية الإنفاق على العجز البيئي.
يُحسب يوم تجاوز الأرض بتقسيم القدرة البيولوجية العالمية (كمية الموارد الطبيعية التي تولدها الأرض في ذلك العام)، وبصمة البيئة العالمية (استهلاك البشرية للموارد الطبيعية للأرض في ذلك العام)، وضربه في 365، عدد الأيام في السنة.
وتقول المؤشرات البيئية إن البشر يُفرطون في الإنتاج وفي الاستهلاك على حد سواء (ننتج ما لا نحتاج ونستهلك ما لا نحتاج فعلياً وبكميات هائلة) وأن أنماط الحياة تأتي على حساب الكوكب الذي لا يمكن أن يتجدد بالسرعة الكافية.
بدأنا أمس الخميس 28 تموز (يوليو) في استهلاك احتياطات الأرض أي "رأس المال الطبيعي والضروري للحفاظ على الحياة"، على حد تعبير الصندوق العالمي للحياة البرية الذي يشعر بالقلق من أن يوم تجاوز الأرض تقدم بمقدار شهرين خلال 20 عاماً فقط.
ولكن كيف ستعيش الأجيال القادمة إذا واصلنا صيد الأسماك قبل أن يتاح لها الوقت للتكاثر بشكل كافٍ وقطع الأشجار قبل أن تنمو الأشجار الجديدة في الغابات ونشر ثاني أوكسيد الكربون أكثر مما تستطيع النباتات والمحيطات امتصاصه؟
وتُظهر الحسابات أن بلدان العالم ليست متساوية في قيمة "ديونها" البيئية وإنها لا تساهم بنفس النسبة في استلام موارد الأرض السريع. مثلاً، إذا عاشت البشرية جمعاء وفق نمط حياة الفرنسيين، لكان "يوم تجاوز الأرض" في 5 أيار (مايو). أما أسلوب الحياة في أميركا الشمالية، فكان سيسبّق هذا اليوم لمدة شهرين، أي في 13 آذار (مارس)، وأسلوب حياة الصينيين سيقدّم التاريخ إلى 2 حزيران(يونيو).
ورغم أن المنهجية المستخدمة لحساب "يوم التجاوز" لا تحقق الإجماع بين المتخصصين، فإن أوريليان بوتو، الباحث المشارك في المركز الوطني للبحوث العلمية الفرنسي، يدافع عنه من خلال توضيح أن "البصمة البيئية هي قضية تركيبية للغاية. ولذلك فإن لها مزايا هائلة"، لا سيما لأنها "تجمع آلاف الإحصاءات التي يترجم تأثيرها إلى وحدة قياس مشتركة". ومع ذلك، فإن بوتو يعترف في تصريحات للصحافة الفرنسية "ببعض العيوب، ولا سيما بعض التقديرات التقريبية، كما أن هناك جوانب بيئية تم تجاهلها" أو تؤخذ في الاعتبار بشكل غير مباشر، مثل حماية التنوع البيولوجي.
ويؤكد الصندوق العالمي للطبيعة في عام 2022 على نظام الغذاء العالمي الذي "يقوم على تدمير الطبيعة والوقود الأحفوري"، ويقدّر أن 55 في المئة من القدرة البيولوجية في العالم تستخدم لإطعام البشرية"، حيث أن السلسلة الغذائية بأكملها مسؤولة عن أكثر من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، بينما تمثل الزراعة 70 في المئة من استخدام المياه العذبة.
ويدعو الصندوق إلى "تعديل نظامنا الغذائي عن طريق تقليل استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان" ودعم الانتقال إلى الزراعة البيئية. كما يدعو الاتحاد الأوروبي، على وجه الخصوص، إلى اعتماد لائحة أوروبية طموحة في مواجهة إزالة الغابات، وتقترح فرنسا تخصيص موارد مالية تهدف تثبيط العمليات الزراعية المكثّفة. (عن "مونت كارلو الدولية")