قالت مجموعة من الباحثين إن التلوُّث الضوئي يمكن أن يتسبب في ظهور أمراض وأوبئة جديدة.
ووفقاً لصحيفة «ديلي بيست» الأميركية، فقد كشفت دراسة قادتها الدكتورة إيفا شيرنهامر، أستاذة الطب المساعدة في كلية الطب في جامعة هارفارد، عن التأثير المقلق للتعرض المفرط للضوء على كل شيء من الصحة، إلى النظام البيئي، إلى مجال علم الفلك.
وبحسب الدراسة، يمكن أن تعوق الإضاءة الاصطناعية في الشوارع رؤية السماء بشكل جيد ليلاً، وهو أمر له تأثير سلبي على علم الفلك. ووجدت الدراسة أيضاً صلة قوية بين الممرضات اللواتي يتعرضن ليلاً للإضاءة الاصطناعية خلال عملهم وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.
وأشار الفريق إلى أن التلوُّث الضوئي سيؤدي إلى زيادة معدلات دخول المستشفيات وظهور أمراض وأوبئة جديدة، مؤكداً أن تقليل الضوء الاصطناعي في الليل يمكن أن يحسّن «صحة الإنسان والمجتمع».
وفي ما يتعلق بالنظام البيئي، يمكن أن يؤثر التلوُّث الضوئي على موطن الحيوانات، حيث يعرضهم للضغط النفسي ويزيد من الڤيروسات التي قد تصاب بها، وفقاً للدراسة.
وتملك معظم الكائنات الحية، من البكتيريا إلى البشر، إيقاعاً داخلياً يُعرف بالساعة البيولوجية، مما يساعدها في توفيق نشاطها الحيوي مع تعاقب الليل والنهار الذي يحدث مع دوران كوكب الأرض حول محوره. ويتأثّر هذا الإيقاع بمجموعة متنوعة من الإشارات الخارجية، لاسيما الضوء. وعندما يتلاشى ظلام الليل بسبب الإضاءة الاصطناعية، يمكن للساعة البيولوجية أن تضطرب وتختل.
وقد وجد باحثون من المعهد الهولندي للبيئة في واخينينغن أن مستويات الإضاءة الاصطناعية تدفع طيور «البلاكبيرد» الأوروبية إلى البدء في دورتها الإنجابية قبل شهر من نظيراتها التي تعيش في الليالي المظلمة. كما وجد باحثون آخرون أن التلوُّث الضوئي يتسبب في تأخير الولادة لدى الحيوانات الجرابية كالكنغر، ويجعل الطيور المغردة تبيض في وقت أبكر، ويغيّر أنماط هجرة أسماك السلمون.
وتُظهر التجارب في المختبر أن التعرض للضوء في الليل يمكن أن يثبط إفراز هرمون «الميلاتونين»، وهو الهرمون المسؤول عن النوم، لدى مجموعة متنوعة من الأنواع الحية، بما فيها الطيور والأسماك والحشرات. وعلى سبيل المثال، تحتفظ الصراصير التي تعيش تحت ضوء مستمر بمستويات منخفضة من الميلاتونين، مما يؤدي إلى ضعف في وظائفها المناعية مقارنة بمثيلاتها التي تتعرض للإضاءة لمدة 12 ساعة يومياً.
وتغيّر الليالي المشرقة توقيت الأنشطة اليومية التي تتحكم بها الساعة البيولوجية، مثل البحث عن الطعام والنوم. فبعض الأنواع الحية النهارية، مثل العصافير، قد تستمر في البحث عن الطعام إلى ما بعد موعد نومها المفترض، بينما تقضي الكائنات الحية الليلية كالفئران والخفافيش وقتاً أقل في الصيد وإيجاد الغذاء.
ويعيش 83 في المئة من سكان العالم تحت سماء ملوّثة ضوئياً. ويتزايد هذا الرقم أيضاً بوتيرة سريعة تبلغ 11 في المئة كل عام، ويتفاقم بسبب العدد المتزايد من الأقمار الاصطناعية التي يتم إطلاقها في المدار من قِبَل شركات الفضاء الخاصة. (عن "الشرق الأوسط")