تبحث غزلان الريم المتبقية في محمية ساوة التي أنشئت عام 2007 في جنوب العراق عن شيء لتأكله، بعد هلاك لحق بها وأدى إلى انخفاض أعدادها من 148 إلى 87 رأساً في شهر واحد فقط إثر انقطاع موارد الغذاء عن هذه الحيوانات النادرة والجفاف وغياب الدعم الحكومي.
ونفق نصف هذه الغزلان منذ 29 نيسان (أبريل)، ولا شيء يمكن فعله، فالأمطار كانت شحيحة هذا العام، وكذلك الدعم الحكومي بالأعلاف الضرورية لبقائها. وفي حين أن توقّف الإمدادات الغذائية بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية شكّل سبباً رئيسياً، إلا أن العوامل المناخية أثّرت بشكل كبير على غزلان الريم أيضاً. ومنع شحّ الأمطار ظهور نباتات عشبية تستطيع الحيوانات أن تقتات منها.
يعدّ العراق واحداً من الدول الخمس الأكثر عرضةً لتغيُّر المناخ والتصحُّر في العالم، خصوصاً بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف الخمسين درجة مئوية.
وقد بدأت انعكاسات ذلك تتجلّى في مفاصل عدة، مثل التراجع في زراعة الحنطة وأرز العنبر، وجفاف بعض البحيرات بسبب قلة الإمدادات المائية والأمطار، والعواصف الترابية المتكررة.
يرتبط حيوان غزال الريم تاريخياً بالصحراء العراقية التي هي موطنه الأصلي، فضلاً عن توزعه في مناطق أخرى في العالم مثل ليبيا ومصر والجزائر التي يصنّفها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) على أنها من الأنواع "المهددة بالانقراض".
على مرّ السنوات، أدّى التطور التقني وزحف الاستثمارات الزراعية على الصحراء إلى تناقص أعداد الحيوانات بالتدريج، وهناك محميات أخرى لغزال الريم في العراق، أبرزها في ديالى وكركوك والمدائن.
ويقول مسؤول في دائرة الغابات التابعة لوزارة الزراعة، فضّل عدم الكشف عن هويته لفرانس برس، "انخفض عدد غزلان الريم في ثلاث محميات بحوالي 25 في المئة خلال السنوات الثلاث المنصرمة".
وأضاف أن أعدادها في هذه المحميات الثلاث 224. ويعزو هذا التناقص الكبير في أعداد الحيوانات خصوصاً إلى "قلة التخصيصات المالية خلال السنوات الأخيرة ".
ويؤثر التصحر على نسبة "39 في المئة من الأراضي العراقية"، بحسب رئيس الجمهورية، برهم صالح، الذي قال قبل أيام أن "شحّ المياه يؤثر الآن سلباً على كل انحاء بلدنا وسيؤدي إلى فقدان خصوبة الأراضي الزراعية بسبب التملُّح".
وقال صالح إن "من المتوقع أن يصل عجزنا المائي إلى 10,8 بليون متر مكعب بحلول عام 2035 بحسب دراسات وزارة الموارد المائية بسبب تراجع مناسيب دجلة والفرات والتبخر في مياه السدود وعدم تحديث طرق الري".
لإخراج المحمية من واقعها والحفاظ على ما تبقى من حيوانات، قدّم رئيس الجمهورية مبلغ مئة مليون دينار (70 ألف دولار) بهدف إنعاشها. وعنما تتوفر السيولة المالية، فللمحمية خطط وإمكانات سوف تنتشلها من هذا الواقع إلى آخر أفضل بكثير. (عن "الشرق الأوسط")