حتى الآن، تسبب «كوفيد – 19» في وفاة أكثر من 3 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يكون هذا الرقم أعلى بكثير، نظراً لمدى صعوبة تتبع كل حالة وفاة بسبب المرض. لكن في المقابل، ورغم هذه الخسائر البشرية، والخسائر الأخرى المادية، فإن الطبيعة يمكن أن تكون هي الرابح من تلك الجائحة، وهو ما أظهره تقرير لموقع «ميديكال نيوز توداي»، عدّد الفوائد التي خرجت بها الطبيعة من هذا الوباء.
وتتمثل إحدى الفوائد الرئيسية والإيجابية في الغالب للوباء بالنسبة للحياة البرية في قلة السفر البشري. ونظراً للانخفاض الكبير في عدد الرحلات، فإن عدداً أقل من الأشخاص يضربون أو يصيبون أو يقتلون الحياة البرية على الطرق. ووجدت دراسة نشرت في «mdpi»، خلال آذار (مارس) الماضي، أن «معدلات قتل القنفذ على الطرق في بولندا كانت أقل بنسبة 50 في المئة مقارنة بسنوات ما قبل الوباء، مما أدى إلى إنقاذ عشرات الآلاف من القنافذ في بولندا وحدها، وقد يساعد هذا في عكس اتجاه الانخفاض طويل الأمد في أعداد القنفذ الأوروبي».
وحللت دراسة أخرى نشرت في نيسان (أبريل) الجاري في دورية «بيولوجيكال كونسيرفيشن» بيانات الطرق المميتة من 11 دولة، ووجدت أن معدلات القتل على الطرق انخفضت بأكثر من 40 في المئة خلال الأسابيع القليلة الأولى من قيود الوباء في إسبانيا وإستونيا وجمهورية التشيك. بالإضافة إلى ذلك، يسافر عدد أقل من السفن عبر الممرات المائية والمحيطات في العالم للشحن وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية ولأغراض السياحة.
ويمكن للحد من السفر والنشاط المائي أن يقلل من مخاطر اصطدام السفن وإصابة أو قتل الحيوانات البحرية، وقد يقلل أيضاً من الاضطرابات البحرية التي تحدث بسبب التلوث الضوضائي من السفن وسونار الصيد والقوارب الترفيهية.
وقد تستفيد الطيور أيضاً من الانخفاض الحاد في السفر الجوي، ما قد يقلل بشكل كبير من مخاطر ضربات الطيور. وفقاً لإدارة الطيران الفيدرالية، كان هناك أكثر من 227 ألف ضربة على الحياة البرية بطائرات مدنية في الولايات المتحدة بين 1990 و2019، كما أدى الوباء إلى انخفاض في سلاسل التوريد الصناعية، ما قلل من الطلب على الأنشطة التجارية التي تستغل الموارد الطبيعية في أجزاء كثيرة من العالم. على سبيل المثال، قد يؤدي انخفاض الطلب على الصيد ونشاطه إلى تقليل إبعاد الحيوانات عن البرية.
وفي الهند، تشير التقارير إلى أن الحد من صيد الأسماك وحركة مرور المركبات على شواطئ التعشيش قد يؤدي إلى زيادة أعداد السلاحف البحرية المهددة بالانقراض. وقد يفيد الوباء الحياة البرية من خلال تعطيل سلاسل التوريد المخفية وغير القانونية بشكل عام التي تدمر التجمعات البرية، بما في ذلك تلك التي تغذي تجارة الأحياء البرية، التي تعد السبب الرئيسي المرشح لظهور الوباء.
وأصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً في نهاية آذار (مارس) الماضي، يشير إلى أنه رغم أن الأصل الدقيق للوباء لا يزال بعيد المنال، فإن التجارة العالمية في الحياة البرية كانت من الممكن أن تسمح للفيروس بدخول الصين. وتقول تانيا سانيريب، المديرة القانونية الدولية في مركز التنوع البيولوجي: «يسلط هذا التقرير الضوء على الحاجة الملحة للحد من استغلال الحياة البرية، ويشير إلى أن تجارة الحياة البرية قد تؤدي إلى الوباء».
وإضافة للتأثير الإيجابي على الحياة البرية والبحرية، أفادت العديد من الدراسات من جميع أنحاء العالم بأن الوباء قد أدى إلى انخفاضات كبيرة في تلوث المناخ. ووجدت إحدى الدراسات أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون العالمية اليومية انخفضت بنسبة 17 في المئة خلال الأشهر الأولى للوباء.
وبالمثل، أظهرت أبحاث أخرى أن مستويات ثاني أوكسيد النيتريك الملوث انخفضت بشكل كبير بنسبة 20 - 40 في المئة، عبر الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والصين. كما وجد تحليل للبيانات من 44 مدينة صينية أن قيود السفر الوبائية أدت إلى انخفاضات تتراوح بين 4.58 في المئة و24.67 في المئة في 5 ملوثات هواء رئيسية.
وتشير دراسة أميركية إلى سبب ذلك، حيث وجدت أنه بين 27 آذار (مارس) و14 أيار (مايو) 2020 في أحد أحياء ماساتشوستس، انخفض السفر بالسيارات بنسبة 71 في المئة، وانخفضت حركة الشاحنات بنسبة 46 في الماة. وخفضت هذه التخفيضات مستويات الجسيمات الضارة الموجودة في انبعاثات المركبات، وانخفض الكربون الأسود بنسبة 22 - 46 في المئة وتركيز عدد الجسيمات متناهية الصغر بنسبة 60 - 68 في المئة.
ووجدت دراسة في البرازيل أيضاً، أنه خلال الإغلاق الجزئي في ساو باولو، انخفضت مستويات أوكسيد النيتريك بنسبة تصل إلى 77.3 في المئة، بينما انخفض أول أوكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 64.8 في المئة مقارنة بالمتوسطات الشهرية لمدة 5 سنوات. (عن "الشرق الأوسط")