دعا مركز «سيبر» للبحوث الاقتصادية في بريطانيا دول مجلس التعاون الخليجي إلى توجيه أولوياتها نحو استخدام أكثر كفاءة للطاقة. وأفاد في تقرير أعده بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنكلترا وويلز بأن دول الخليج شهدت نمواً كبيراً إلى درجة أنها لم تعد مجرّد مزوّد رئيسي للطاقة وحسب، بل مركزاً للطلب الكبير عليها، ما شكّل دافعاً للحكومات والشركات للاستثمار في مصادر الطاقة البديلة. وعلى رغم التحسينات والمبادرات الأخيرة تظل
كفاءة استخدام الطاقة في دول الخليج منخفضة مقارنة بالمعايير العالمية.
يتضمن التقرير الصادر بعنوان «رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط في الربع الثالث من 2015» تقويماً فصلياً للمنطقة مع التركيز على الدول الأعضاء في مجلس التعاون، إضافة إلى مصر وإيران والعراق والأردن ولبنان. وفيه أن الأسعار المنخفضة للوقود والكهرباء والمياه تشكّل عائقاً أساساً يحول دون استخدام الطاقة بكفاءة أكبر في المنطقة. وفي سياق الانخفاض المستمر لأسعار النفط، يُحتمل أن تبقى الحال كما هي، خصوصاً مع اتساع الطلب على الطاقة وازدياد السكان في المنطقة.
وتوقع أن يرتفع الإقبال على المصادر الجديدة للطاقة نتيجة موجة البحوث المبتكرة والأهداف الموضوعة نيابة عن الحكومات في المنطقة، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تلتزم بمجموعة محدّدة من الأهداف المتعلقة باستخدامات الطاقة البديلة حيث تبذل دبي جهوداً مضنية لتوليد خمسة في المئة على الأقل من إجمالي استهلاكها من مصادر متجددة بحلول 2030، في حين تضع أبوظبي هدفاً نسبته 7 في المئة لسنة 2020.
وسيتمكّن «مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية» في دبي، المقرر تدشينه في 2017، من توفير الطاقة لما يعادل 30 ألف منزل في الإمارات، على أن يبلغ قدرة إجمالية تصل إلى ثلاثة آلاف ميغاواط في 2030 بعد الانتهاء من مراحل الإنشاء بالكامل.
وتقول المستشارة الاقتصادية في «معهد المحاسبين القانونيين» والخبيرة في مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال نينا سكيرو: «يجب أن تبقى مسألة الحد من كثافة الطاقة من بين الأولويات، وستكون مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة على نطاق أوسع والتي تقلل الكلفة لكل وحدة من الطاقة البديلة، عاملاً أساساً لتشجيع المنازل والشركات على تقنين استخدام مصادر الطاقة التقليدية السائدة». وأضافت: «نظراً للاستثمارات الهائلة التي تحتاجها تلك المشاريع، والواقع الذي تشهده حكومات دول مجلس التعاون في ما يتعلق بتراجع الإيرادات، لا بد أن تأتي الاستثمارات على الأرجح من القطاع الخاص».
وجاء في التقرير: «في ظل ارتفاع نسبة امتلاك المركبات واستخداماتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وبما يتجاوز المتوسط العالمي، تواصل الحكومات استثماراتها في البنى التحتية للمواصلات العامة، وذلك للمساعدة على تقليل مستويات استهلاك الطاقة، وتخفيف الازدحامات المرورية. ومن المقرر استكمال شبكة السكك الحديد على نطاق دول المجلس بحلول 2018، وبكلفة تصل إلى 200 بليون دولار، كما مُنحت عقوداً ببلايين الدولارات لبناء خطوط المترو في أبوظبي والكويت وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنوّرة». ومع ذلك، فإن هذه البنية التحتية ستعزّز كفاءة استخدام الطاقة فقط في حال كان إقبال الجمهور عليها كبيراً.
وأكد التقرير أنه يمكن للقطاع الخاص أن يساعد على تحفيز الجمهور في هذا السياق مثلاً من خلال بناء المرافق حول المحطات الرئيسية للسكك الحديد. وسيؤدي التوجه الإقليمي بخصوص تقليص دعم الوقود أو رفعه دوراً في تقليل استخدام السيارات. وأضاف: «التحوّل إلى مصادر بديلة للطاقة في قطاع تحلية المياه من شأنه أن يساعد أيضاً في تقليل الطلب على الطاقة في دول مجلس التعاون. وتعتبر تحلية المياه ذات كثافة عالية من حيث ااستهلاك الطاقة والكلفة. ("الحياة")