غزة – من هداية الصعيدي
على سطح منزله الكائن في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، يُحكم خالد بشير إغلاق باب صندوق خشبي، سقفه مصنوع من الزجاج، بعد أن وضع داخله وعاءً يحتوى على فاصولياء وقطع من لحم البقر النيء. وبعد مرور نحو ساعتين بدأ الطعام ينضج، لترتسم علامات الرضا على وجهه ويتمتم قائلاً: "لم نعد نهتم بانقطاع الكهرباء أو فقدان غاز الطهي".
منذ عدة أشهر تعتمد زوجة بشير في طهي جميع أنواع الأطعمة على هذا الصندوق الخشبي الذي أصبح بفضل زوجها فرناً شمسياً عوضاً عن أفران الكهرباء والغاز. واستطاع بشير، الذي يحمل شهادة ماجستير في الهندسة الكيميائية ويعمل مهندساً للمواد العازلة والسطوح الخرسانية في إحدى شركات المقاولات والبناء في غزة، صناعة نحو 30 فرناً شمسياً لعدد من الناس.
يتكون الفرن من صندوق خشبي له أربع قوائم، مغلف من الداخل بألواح من "الصاج" المطلي باللون الأسود لكي يمتص أشعة الشمس، ومرآة مثبتة خلف الصندوق تعمل كمصدر ثانوي في تجميع الأشعة وعكسها إلى داخل الفرن. وتعتمد فكرته وفق بشير على "امتصاص ألواح الصاج السوداء لأشعة الشمس عبر السقف الزجاجي للصندوق والمرآة المثبتة خلفه، ومن ثم تحويلها من أشعة مرئية إلى أشعة حرارية تحت حمراء".
ورغم وجود فكرة الفرن الشمسي في أنحاء عديدة من العالم، إلا أنها المرة الأولى التي يُصنع فيها في غزة، التي تعاني من أزمة كبيرة في الكهرباء وغاز الطهي.
وقال بشير: "الفرن مستخدم في عدة بلدان لكن النظام يختلف من بلد إلى آخر، حسب المناخ ودرجة الحرارة. أنا أجريت تعديلات على نظام عمله، وبعد عشرات المحاولات خرجت بهذه النتيجة".
ولفت بشير إلى أن في وسع ربات البيوت استخدام الفرن الشمسي طوال ثمانية أشهر من السنة، من مطلع شهر نيسان (أبريل) وحتى تشرين الثاني (نوفمبر). وأضاف: "صنعت هذا الفرن لأساعد أبناء شعبي المحاصر، وخاصة في الأوقات التي نعاني فيها من أزمة في غاز الطهي. فسكان القطاع، لا يحصلون بسهولة على غاز الطهي، وهم بالكاد يوفرون ثمن أسطوانة الغاز (15 دولاراً) ، لكن بواسطة هذا الفرن لن يدفعوا أي مبلغ، إنه مجاني".
وأوضح أن الحرارة داخل الفرن 120 درجة مئوية، وفي الصيف تصل إلى 140 درجة، وتتوزع داخل الفرن بالتساوي، مضيفاً أن "عملية طهي الأطعمة تحتاج إلى 100 درجة مئوية فقط، وينضج الطعام بعد نحو ساعتين ونصف ساعة، والأشعة التي تدخل الفرن لا تخرج، فالنظام محكم الإغلاق". ويمكن وضع جميع مكونات الطبخة دفعة واحدة. كما أن الطعام في الداخل لا يحترق إذا نسيته ربة المنزل وقتاً إضافياً.
وتابع بشير، الأب لثلاثة أبناء، أن كلفة تصنيع الفرن الشمسي تبلغ نحو 160 دولاراً. ورغم الحصار المفروض على غزة، فإن غالبية المواد الخام التي يُصنع منها متوفرة في السوق. ويمكن تقليص هذه الكلفة باستخدام خشب أثاث وزجاج مرايا مستعملين. وتمنى إدخال الفرن الشمس الى كل بيت فلسطيني، مؤكداً أنه على استعداد لتعليم صناعته لمن يرغب من دون أي مقابل. (وكالة الأناضول للأنباء)