تبدو التغيرات البيئية في المنطقة العربية أسرع منها في مناطق العالم الأخرى بسبب الوتيرة المتسارعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده. وقد كشف "أطلس المنطقة العربية لبيئتنا المتغيرة"، الذي صدر اليوم عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية بدعم من هيئة البيئة – أبوظبي، التغيرات التي طرأت على أكثر من ثمانين موقعاً في المنطقة العربية، مستخدماً مجموعة من الصور الفوتوغرافية وصور معاصرة التقطت بالأقمار الاصطناعية والروايات التي تستند على أدلة علمية موثّقة.
ويهدف الأطلس، الذي يعتبر الأول من نوعه في المنطقة، إلى توفير معلومات ورفع مستوى الوعي لدى الجمهور وصناع القرار حول التغيرات البيئية في منطقتنا العربية. وبينما يشير الأطلس إلى التحديات المعاصرة، يقدم منهجاً واضحاً للسير قدماً نحو تعزيز الأسس الايكولوجية وتحسين الأمن الغذائي.
ومن أهم ميزات هذا الأطلس استخدام الصور المزدوجة الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية لإظهار التغيرات التي طرأت على المواقع عبر الزمن. وتظهر هذه الدراسات، التي تتناول حالة المواقع "قبل وبعد"، وتيرة النمو في المنطقة العربية بالاعتماد على عدد من الأمثلة والنماذج حول التغيرات البيئية على نطاق واسع، بما في ذلك استخدام الأراضي، والنمو الحضري، وتدهور المناطق البحرية والساحلية، والتغير الهيدرولوجي وتقلص مساحة المياه وكميتها، وخسارة الموائل، وتأثير تغير المناخ على الحياة بشكل عام.
كما تساعد الصور في تسليط الضوء على التحديات والظروف المميزة التي تواجه المنطقة العربية، بدءاً بمصادر المياه العذبة المحدودة والنمو الحضري المتسارع واستنفاد الموارد الطبيعية وهشاشة المستوطنات البشرية في مقاومة المخاطر والكوارث الطبيعية. ويظهر الأطلس للعيان قصصاً حول التغيير البيئي في التربة والمياه والجو، ويغطي بعض القضايا العابرة للحدود كالأنهار والمحميات والملوثات، كما يوضح كيف ساهم الانسان في تغيير محيطه تاركاً آثاراً إيجابية وسلبية، وما زال مستمراً في إحداث تغييرات ملموسة في المنطقة العربية وبيئتها. وهو أيضاً يبحث في الفرص التي يمكن أن تقدمها التحديات والاستجابات المبتكرة، كما يُبرز القضايا البيئية الفريدة التي تواجهها كل من الدول على حدة ويتعقب التقدم الذي أحرزته لتحقيق التنمية المستدامة كجزء من الأهداف الألفية للتنمية التي وضعتها الأمم المتحدة.
تم تحديد أبرز القضايا الملحة التي تواجهها كل دولة من دول المنطقة العربية، ومنها ندرة المياه، التصحر وتدهور الأراضي، والتهديدات التي تتعرض لها النظم الايكولوجية البحرية والساحلية، التلوث، الضغط السكاني على الأراضي، إزالة الغابات، فقدان التنوع البيولوجي.
وقد طرحت قضية ندرة المياه كقضية ملحة في 19 دولة من بين 22 دولة عربية، في حين طرحت قضية التصحر وتدهور الأراضي في 17 دولة، وقضية التلوث البيئي في 13 دولة.
تظهر نحو 140 صورة من الأقمار الاصطناعية التغيرات البيئية عبر الزمن في كل من البلدان العربية، ويقدم الأطلس أدلة بصرية لبعض التغيرات الجذرية التي تحدث أحياناً في المنطقة خلال فترة قصيرة نسبياً. ويمكن ملاحظة التغيرات الحاصلة في المساحات الخضراء التي تتضمن: تخضير الصحراء وزيادة الزراعة المروية، التوسع في حقول النفط، إزالة الغابات وفقدان الغطاء النباتي، انتشار الحشرات أو قطع الأشجار، التحضر غير المحدود، تطوير المناطق الساحلية، الآثار الناجمة عن الظواهر المناخية الشديدة.
- يظهر في تلك الصور نمو عدد لا يحصى من المدن الكبيرة، وهذه الصور هي الأكثر تأثيراً في مجموعة صور الأطلس، ومن تلك المدن: القاهرة ، الجزائر، بيروت، الدار البيضاء، عمان، صنعاء، والرياض، التي شهدت جميعها نمواً حضرياً متسارعاً.
- نمو على طول السواحل، كمدينة مسيعيد الصناعية في قطر وعدن في اليمن وجزيرتي قطيف وتاروت في السعودية، بحيث أثر التلوث على البيئة البحرية مؤدياً إلى نتائج مدمرة، ومنها التلوث النفطي، ودمار الشعاب المرجانية والنظم الحيوية للأعشاب البحرية والمنغروف.
- تظهر الصور بشكل خاص تخضير الصحراء في مدينة العين في إمارة أبوظبي، وعلى حدود الفاصلة بين الكويت والعراق.
- وسّعت مزارع الوفرة في الكويت طاقتها الإنتاجية الغذائية لتشمل تربية الأحياء المائية من أسماك البلطي النيلي من أجل دعم الثروة السمكية، وأقامت البيوت البلاستيكية لتحسين إنتاج المحاصيل. وقد تم تنفيذ زراعة الدفيئة على نطاق واسع في سورية، وساهم نمو هذه الزراعة في مواجهة الجفاف، وتحسين الكفاءة الزراعية وتلبية الطلبات المتزايدة لإنتاج الغذاء، مع وجود بعض الآثار البيئية.
- مشروع تبرورة في صفاقس، تونس، هو مثال فعال لمشاريع إحياء المناطق الحضرية وإعادة إدماج سواحلها.
- لعل القصة الأكثر إلحاحاً للتغير البيئي تنشيط أهوار العراق التي عانت من الخسائر المأسوية في الأراضي الرطبة منذ العام 1950 وحتى 1990، لكن مواكبة التطور الإيجابي يشكل تحدياً.
- تظهر في الصور أيضاً محطة توليد الكهرباء في الجية، لبنان، التي تعرضت للقصف خلال اجتياح الإسرائيلي عام 2006 وتسرب النفط الناتج عن هذا القصف، وحرائق النفط في الكويت نتيجة الغزو عام 1990، وتأثير ذلك على سلامة البيئة.