قد تعني نقطة التحوُّل التي تم تحديدها حديثاً لفقدان الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، وأماكن أخرى، أن ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل سيكون أعلى بكثير من التوقعات الحالية.
فقد بحثت دراسة جديدة في كيفيّة تسرب مياه البحر الدافئة بين الصفائح الجليدية الساحلية والأرض التي ترتكز عليها. حيث يذيب الماء الدافئ تجاويف الجليد، مما يسمح بتدفق المزيد من الماء، مما يؤدي إلى توسيع التجاويف بشكل أكبر في حلقة التغذية المرتدة. ومن ثم تعمل هذه المياه على تسهيل انهيار الجليد في المحيط، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر.
استخدم الباحثون نماذج حاسوبية لإظهار أن "الزيادة الطفيفة جداً" في درجة حرارة المياه الدخيلة يمكن أن تؤدي إلى "زيادة كبيرة جداً" في فقدان الجليد - أي سلوك نقطة التحوُّل.
ومن غير المعروف مدى قرب نقطة التحوُّل، أو ما إذا كان قد تم تجاوزها بالفعل. لكن الباحثين قالوا إنه يمكن أن يكون سببها ارتفاع درجات الحرارة بمقدار أعشار الدرجة فقط، ومن المرجح جداً أن يكون ذلك بسبب الارتفاعات المتوقعة في العقود المقبلة.
ويعدّ ارتفاع مستوى سطح البحر أكبر تأثير طويل المدى لأزمة المناخ، ومن المتوقع أن يعيد رسم خريطة العالم في القرون القادمة. فهو قادر على وضع عشرات المدن الكبرى، من مدينة نيويورك إلى شنغهاي، تحت مستوى سطح البحر والتأثير على بلايين البشر.
وتتناول الدراسة سؤالاً رئيسياً حول سبب التقليل من شأن النماذج الحالية لمستوى سطح البحر الذي شوهد في الفترات السابقة بين العصور الجليدية. ويعتقد العلماء أن بعض عمليات ذوبان الغطاء الجليدي لم يتم تضمينها بعد في النماذج.
وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن تسرب مياه البحر يمكن أن يضاعف معدل فقدان الجليد من بعض الرفوف الجليدية في القطب الجنوبي. كما أن هناك أدلة أيضاً واقعية على أن تسرب مياه البحر يتسبب في ذوبان الجليد اليوم، بما في ذلك بيانات الأقمار الاصطناعية التي تُظهر انخفاضاً في ارتفاع الصفائح الجليدية بالقرب من مناطق التأريض.
ويتلخّص الإجراء الأكثر أهمية في خفض حرق الوقود الأحفوري إلى الصفر بحلول عام 2050.
وحذّر العلماء في عام 2022 من أن أزمة المناخ دفعت العالم إلى حافة نقاط تحوُّل "كارثية" متعددة، بما في ذلك انهيار الغطاء الجليدي في غرينلاند وانهيار تيار رئيسي في شمال المحيط الأطلسي، مما أدى إلى تعطيل هطول الأمطار التي يعتمد عليها بلايين البشر للطعام.
ووجدت الأبحاث التي أجريت في عام 2023 أن ذوبان الجليد المتسارع في غرب القارة القطبية الجنوبية كان أمراً لا مفر منه لبقية القرن، بغض النظر عن مقدار خفض انبعاثات الكربون، مع آثار "وخيمة" على مستويات سطح البحر.
ووجد البحث الجديد، الذي نُشِر في مجلة Nature Geoscience، أن بعض الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي كانت أكثر عرضة لتسرب مياه البحر من غيرها. ويعدّ نهر باين آيلاند الجليدي، وهو حالياً أكبر مساهم في ارتفاع مستوى سطح البحر في القارة القطبية الجنوبية، معرضاً للخطر بشكل خاص، حيث تنحدر قاعدة المنحدر الجليدي إلى الداخل، مما يعني أن الجاذبية تساعد مياه البحر على الاختراق. كما أن الطبقة الجليدية الكبيرة في لارسن معرضة للخطر بالمثل.
وتبيّن أن نهر ثويتس الجليدي، أو ما يُعرف بِنهر "يوم القيامة"، هو من بين الأقل عرضة لتسرب مياه البحر، وذلك لأن الجليد يتدفق إلى البحر بسرعة كبيرة بالفعل، بحيث أن أي تجاويف في الجليد الذائب بسبب تسرب مياه البحر تمتلئ بسرعة بالجليد الجديد. (عن "الغارديان")