قالت خمسة مصادر مطلعة لرويترز إن بعض الاقتصادات الكبرى في العالم ترغب في وضع اللمسات الأخيرة على خطة قبل قمة المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة هذا العام لوقف التمويل الجديد للقطاع الخاص لمشاريع الفحم.
وإذا تمت الموافقة على مشروع الاقتراح المقدم من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فسيكون الخطوة الأولى من جانب مؤسسة متعددة الأطراف للحدّ من تمويل الفحم، أحد أكبر أسباب تغيُّر المناخ، والذي يُنتِج انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، أكثر من النفط أو الغاز، عندما يتم حرقه للحصول على الطاقة.
وقالت المصادر إن مسودة الخطة، التي تهدف إلى وضع سياسة "المعيار الذهبي" لكيفية تعامل المؤسسات المالية مع الفحم، تطلب من المستثمرين والبنوك وشركات التأمين وقف التمويل الجديد لمشاريع الفحم القائمة أو المخطط لها، وإنهاء التمويل للشركات التي تبني البنية التحتية للفحم.
وبموجب الخطة، ستقوم المؤسسات المالية بتمويل التقاعد المبكر لمحطات الفحم، بدلاً من التخلُّص من هذه الأصول. وينبغي أن يقترن الإغلاق المبكر للمنشآت التي تعمل بالفحم بتمويل الطاقة النظيفة لتعويض قدرة الفحم المفقودة.
وقالت منظمة Urgewald غير الحكومية في تقرير الشهر الماضي إن إجمالي قروض البنوك التجارية واكتتابها لصناعة الفحم بلغ 470 بليون دولار بين كانون الثاني (يناير) 2021 وكانون الأول (ديسمبر) 2023.
وتقوم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - التي تضم بين أعضاؤها البالغ عددهم 38 دولة معظم الديمقراطيات الكبرى التي تركز على السوق في العالم - بإعداد ردود الفعل على الاقتراح، الذي من المقرر طرحه للتشاور العام قبل اعتماده رسمياً قبل قمة المناخ COP29 للأمم المتحدة في أذربيجان في تشرين الثاني (نوفمبر).
ولن تكون سياسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ملزمة، ولكنها تهدف إلى وضع معيار دولي تستخدمه مجالس إدارة الشركات والمساهمون.
وكانت المبادئ التوجيهية السابقة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ـ على سبيل المثال، بشأن عمالة الأطفال ـ قد تم تبنيها من قبل بعض الشركات المتعددة الجنسيات، الأمر الذي يضع معياراً للتعامل مع البلدان التي لا توجد فيها قوانين رسمية بشأن عمالة الأطفال.
وقالت المصادر إن فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي من بين الداعمين لهذا الاقتراح، وهو جزء من مبادرة "تسريع تحوُّل الفحم" التي اقترحتها فرنسا في قمة المناخ COP28 العام الماضي.
وكان هذا المشروع، الذي ركّز أيضاً على خفض تكلفة رأس المال لاستثمارات الطاقة النظيفة، مدعوماً من الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الفحم، بما في ذلك إندونيسيا وفيتنام - وكلاهما أبرمت صفقات ببلايين الدولارات مع الدول المانحة للحدّ من اعتمادها على الفحم.
وقالت ثلاثة من المصادر إن أكبر معارضة لاقتراح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية جاءت من اليابان. واليابان هي ثالث أكبر مستورد للفحم في العالم وتحصل على أكثر من ربع طاقتها من الفحم.
يُشار إلى أن أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يوافقون على المبادئ التوجيهية الجديدة بالإجماع.
ولم تَرُد وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية على الفور على طلب رويترز للتعليق.
وقالت بعض المصادر إنه قد يتم تخفيف الاقتراح، ربما لوقف تمويل المشروعات ولكن ليس الإقراض للأغراض العامة للشركات، أو قد يستهدف الاستثمارات في محطات الطاقة بدلاً من البنية التحتية للفحم بالكامل.
ومن المتوقع أن يناقش زعماء دول مجموعة السبع - ومن بينهم فرنسا والولايات المتحدة واليابان - جهودهم للتخلُّص التدريجي من الفحم في قمة تعقد في إيطاليا هذا الأسبوع. وقال مصدران إن نتيجة قمة مجموعة السبع قد تؤثر على أهداف أي اتفاق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وكان الحكومات، بما في ذلك مجموعة السبع، قد قامت بحظر أو تقييد التمويل العام لطاقة الفحم في سعيها لتحقيق الأهداف المناخية، لذلك يأتي معظم تمويل الفحم الآن من القطاع الخاص.
يُشار إلى أن فقط ربع المؤسسات المالية لديها حالياً سياسات تقيّد تمويل الفحم، وفقاً لشركة S&P Global. وتبلغ الطاقة العالمية لتوليد الطاقة بالفحم أكثر من 2000 جيغاواط ــ بالإضافة إلى 500 جيغاواط أخرى من الطاقة الجديدة قيد التطوير، وأغلبها في الصين.
ويمكن لأصحاب مشاريع الفحم أن يواجهوا اقتصاديات معقدة لإغلاق المصانع في وقت مبكر.
وبالنسبة للاقتصادات الناشئة التي لديها مصانع حديثة للفحم، مثل الهند وڤيتنام، فإن التقاعد المبكر قد يكون معقداً إذا كانت الاستثمارات الأولية اللازمة لبناء المحطة لن يتم سدادها إلا على مدى العمر الكامل للمحطة - عادة، حوالي 40 إلى 50 عاماً. (عن "رويترز")