الدوحة (أ ف ب)
يغوص رجال في مياه الخليج الزمردية لاصطياد محارات اللؤلؤ قبالة شواطئ قطر. قد يذكر المشهد بتاريخ هذا البلد الغني، إلا أنه مشهد واقعي من مسابقة تثير الكثير من الاهتمام بين القطريين.
ويعد «السنيار» الحدث السنوي الأكبر لاصطياد اللؤلؤ في قطر، وهو يقدم لمحة عن تاريخ هذا البلد الذي حولته ثروة النفط والغاز إلى واحد من أغنى دول العالم.
على متن كل من السفن التقليدية الخمس، يتناوب خمسة غواصين على الغوص تحت أشعة الشمس الحارقة إلى قعر المياه من دون أي وسائل مساعدة، وذلك لالتقاط المحار. ويمكن لبعض الغواصين أن يظلوا تحت الماء فترة تصل إلى تسعين ثانية قبل ان يخرجوا مجدداً إلى السطح. وإذا حالف الغواص الحظ، يخرج حاملاً سلته الصغيرة مملوءة بعدد كبير من المحار التي تحتوي على اللؤلؤ الثمين.
ويتنافس الغواصون في هذه المسابقة على جائزة أولى قدرها 400 ألف ريال (110 آلاف دولار).
في الماضي كان الغواصون يقومون بهذا العمل من أجل لقمة العيش. وقال جهاد الجيدة، أحد منظمي المسابقة، إن صيد اللؤلؤ كان أحد النشاطات الاقتصادية الرئيسية في قطر حتى الخمسينات، لكن «الغوص توقف عندما اكتشف النفط». وتتيح هذه المسابقة للقطريين إعادة إحياء تقليد الغوص.
وأوضح المشارك محمد السادة: «هناك خمسة فرق مشاركة، وهناك فريقان علينا أن نتابعهما عن كثب، وبإذن الله سوف نغلبهم». وتتحرك سفينة «الداو» التقليدية حينما يحين دورها، وعندها يتبادل الغواصون التوجيهات بصوت مرتفع وبكثير من الحماسة.
وعندما يصعد غواص وهو يحمل سلة مليئة بالمحار، يصفق رفاقه ويطلقون صرخات التحدي في وجه منافسيهم. ويقود المركب قائد عليه أن يتمتع بخبرة كبيرة ليعرف أين يوقف مركبه من أجل الغوص والحصول على أكبر عدد من المحار. وهناك أيضاً شخص مسؤول عن تزويد الغواصين بالطعام والمياه العذبة، فيما يجلس حكام المسابقة على كوم من البراميل عند الشاطئ.
ويجري تعداد المحارات، وليس حبات اللؤلؤ التي في داخلها. ولا يفتح المتنافسون المحارات، وذلك من أجل إعادتها إلى المياه بعد عدها. ولا يكفي جمع أكبر عدد من المحارات للفوز بالمسابقة، بل يجري احتساب نقاط على طريقة تعامل الفريق مع مهمة الغوص.
وقال عبدالله بلال، وهو أحد ممارسي الغوص لصيد اللؤلؤ، إن هدف المشاركة في المسابقة ليس المال «بل الحفاظ على تقليد اختفى ونريد إعادة إحيائه».
أما جهاد الجيدة، فأكد أن هدف المسابقة هو التذكير بأهمية البحر بالنسبة إلى قطر، «فغالبية القطريين ولدوا بالقرب من البحر ويذهبون إليه مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً. إنه أسلوب حياة». وتحدث عن المصاعب الجمة التي كانت تواجه الغواصين في الماضي، فهم كانوا يمضون بضعة شهور بعيداً من منازلهم، إذ إن موسم صيد اللؤلؤ يمتد من أيار (مايو) إلى آب (أغسطس)، وكانوا يأكلون القليل ويعملون بجهد للحصول على ما يكفي من اللآلئ لبيعها وسداد حاجات عائلاتهم في فصل الشتاء.
وقال الجيدة: "الحياة كانت صعبة في هذا البلد الذي تنتشر فيه اليوم ناطحات السحاب والمراكز التجارية والفنادق الفخمة".