واشنطن، 26/10/2023
شارك مجيد جعفر، عضو مجلس الأمناء واللجنة التنفيذية للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، في مؤتمر حول إعادة بناء العراق، نظمه المجلس الأطلسي في واشنطن. وناقش المؤتمر، الذي جمع خبراء عرب ودوليين، الموازنة بين المشاركة العالمية والنمو المحلّي، التي تؤثر على مستقبل العراق في عالم متطوِّر. وفي جلسة مخصصة لتحديات المناخ والبيئة في العراق، قدّم جعفر لمحة عامة عن أهم المشاكل والتوصيات المقترحة، بناءً على نتائج تقارير "أفد" المختلفة. وبصفته الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال، ومقرّها الإمارات العربية المتحدة كما لها مشاريع كبرى في العراق، لاسيما في قطاع الغاز الطبيعي، ناقش بالتفصيل دور شركات الطاقة في تأمين التحوُّل السَلِس إلى الطاقة النظيفة. وأوضح أن خفض انبعاثات غاز الميثان من صناعة الوقود الأحفوري يمثّل تحدياً كبيراً في العراق، حيث يعدّ حرق الغاز مصدراً مباشراً لغازات الدفيئة.
ووضع جعفر التحديات البيئية الرئيسية في العراق في الوقت الحاضر ضمن ثلاث فئات:
الجفاف والمياه: تماشياً مع نتائج تقرير "أفد" بأن الجفاف هو التهديد الأكثر إلحاحاً في المنطقة، يعاني العراق أسوأ أزمة نقص في المياه منذ 80 عاماً. ومع استمرار الجفاف لمدة أربع سنوات، والذي تفاقم بسبب تغيُّر المناخ، فإن التوقعات المستقبلية أسوأ بكثير. وقد وصلت أزمة المياه إلى حدّها الأقصى هذا الصيف، مع الجفاف شبه الكامل للأهوار - التي تعدّ تاريخياً أكبر نظام بيئي للأراضي الرطبة في الشرق الأوسط. كما انخفض منسوب مياه نهر الفرات في الأهوار (عند الشبايش) في تشرين الأول (أكتوبر) 2023 إلى 0.5 متر، حيث كان متوسط منسوبها في السنوات الماضية يتراوح بين 1.6-1.7 متر. ولا يمكن المبالغة في تقدير آثار الجفاف على سُبُل عيش الناس، مع ما يرافقه من تفاقم التصحُّر وتدهور النظام البيئي وفقدان التنوُّع البيولوجي.
وتعدّ ندرة المياه والجفاف من بين الدوافع الرئيسية لتنقُّل البشر المرتبط بالمناخ، وهو أمر أصبح بالفعل حقيقة واقعة في العراق، خاصة في جنوب البلاد الذي شَهِد تحركات كبيرة للتدفقات البشرية على مدى العقد الماضي. واعتباراً من حزيران (يونيو) 2023، سجّلت المنظمة الدولية للهجرة نزوح أكثر من 83000 شخص بسبب ندرة المياه وارتفاع الملوحة وسوء نوعية المياه في جميع أنحاء العراق. بينما وجدت دراسة أجراها المجلس النروجي للاجئين (NRC) عام 2021، أنه في المناطق المتضررة من الجفاف، اضطر فرد واحد من كل 15 أسرة للهجرة بحثاً عن عمل.
التلوُّث: يمثّل تلوُّث المياه والأرض والهواء تحدياً مزمناً. وقد أدّت المعالجة غير الكافية على الإطلاق لمياه الصرف الصحي - حيث يتم تصريف 5 ملايين متر مكعب من مياه الصرف الصحي يومياً - إلى تحويل نهري دجلة والفرات إلى "مجاري مفتوحة". كما يؤدي عدم وجود مدافن صحية للنفايات (باستثناء منشأة واحدة في كركوك) إلى تلويث الأراضي والمياه الجوفية. وتمثّل النفايات البلاستيكية مشكلة كبيرة، كما تسدّ شبكة القنوات الواسعة في البلاد. ويؤدي تلوُّث الهواء (PM، NOx، SOx) إلى خلق ضباب دخاني مستمر في سماء العراق مع آثار صحية خطيرة طويلة المدى. ويتزايد باستمرار تواتر وشدّة العواصف الرملية والترابية. كما يعدّ التلوُّث الناتج عن صناعة النفط مشكلة كبيرة لها آثار خطيرة على المجتمعات المحلية والتنوُّع البيولوجي. ويتم تصنيف العراق باستمرار بين أكبر إثنين من مصادر انبعاث غاز الميثان على مستوى العالم، وهو أحد غازات الدفيئة القوية، وذلك بسبب إحراق الغاز والتسريبات على نطاق واسع. ومع ذلك، فقد تحسَّن الوضع على مدى العامين الماضيين مع تزايد الاستثمارات لالتقاط غاز الميثان.
الصراع: كان لتاريخ العراق الحديث الصعب، مع ما يقرب من 50 عاماً من الصراع المستمر، إرثاً بيئياً كبيراً. فقد أدى استهداف حقول النفط والمناجم والمنشآت الصناعية وإحراقها إلى حدوث تلوُّث خطير ولكن موضعي. كما يستمر تولُّد أكثر من 55 مليون طن من الحطام الناجم عن صراع تنظيم داعش، الذي دمّر أكثر من 60 مدينة و1500 قرية، بكونه عقبة رئيسية أمام عودة النازحين.
الصورة: مجيد جعفر متحدثاً في المجلس الأطلسي
من اليمين: مجيد جعفر متحدثاً وإلى جانبه الدكتورة مشكاة المؤمن، وزيرة البيئة العراقية السابقة والرئيسة التنفيذية لشركة Envirolution، في جلسة أدارها أحمد القباني، كبير أخصائيي تغيُّر المناخ في البنك الدولي