قال منتدى الطاقة الدولي: إن انتقال الطاقة أكثر تعقيداً مما كان يعتقد سابقاً، على الرغم من المبادرة العالمية الواسعة النطاق للحدّ من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتحقيق أهداف صافي انبعاثات صفرية. وحذّر من أن التركيز على مسار وحيد لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 يمكن أن يقوّض تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأخرى، ويقيّد التمويل لمشروعات الطاقة الحيوية ويعرّض للخطر الدعم العام اللازم لسياسات المناخ.
جاء ذلك في تقرير أصدره منتدى الطاقة الدولي، وهو أكبر تجمع لوزراء الطاقة في العالم، بالتعاون مع «إس آند بي كوموديتيز إنسايتس»، وأرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط».
والتقرير الذي جاء تحت عنوان «تشكيل خارطة طريق حية لانتقال الطاقة»، هو خلاصة سلسلة من الحوارات التي عُقدت على مدى الأشهر العشرة الماضية في كيب تاون، وبالي، والرياض، وواشنطن العاصمة، وبنما سيتي، ودافوس، بالإضافة إلى طاولات مستديرة عُقدت بالاشتراك مع أسبوع «CERAW» الذي نظمته «إس آند بي غلوبال» في هيوستن.
ولفت التقرير إلى أن الكثير من العوامل، بما في ذلك أمن الطاقة والقدرة على تحمّل التكاليف، تبطئ حركة الانتقال، وهو أمر بالغ الأهمية للوجود الصحي للكوكب.
وقال: «تُظهر التطورات على مدى العامين الماضيين أن انتقال الطاقة أكثر تعقيداً مما كان يعتقد سابقاً. بينما يستمر الانتقال، اهتزت توقعات التحوُّل العالمي، حيث تتنافس أهداف المناخ مع الأولويات حول أمن الطاقة والوصول إلى الطاقة والقدرة على تحمّل التكاليف».
وشدد التقرير على «أن الاقتصادات المتقدمة تحتاج إلى تعميق مشاركتها مع البلدان النامية للتغلب على الانقسام بين الشمال والجنوب بشأن وتيرة وأولويات التحول في مجال الطاقة، إذا كان العالم سيحرز تقدماً في الحدّ من انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة».
ولفت إلى أن انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وصلت إلى مستويات عالية جديدة، بعدما أجبرت التطورات الاقتصادية العالمية الكثير من الدول إلى العودة إلى توليد الطاقة باستخدام الفحم.
وإذ أشار التقرير إلى أن نمو الطاقة المتجددة تسارع، لكنه قال إنه فشل حتى الآن في مواكبة الطلب المتزايد على الطاقة.
وعرض التقرير وجهات النظر التي عبّر عنها 350 مشاركاً من الصناعة والحكومة والمجتمع المدني حول الدروس المستفادة من أزمة الطاقة الأخيرة، والتي كان لها تأثير عميق على سياسات الطاقة في جميع أنحاء العالم، حيث كشفت الحوارات عن إجماع متزايد على أن التوقعات بانتقال عالمي خطي لنظام الطاقة الذي يلتزم بمسار واحد خالٍ من الصفر على الصعيد العالمي ليست كافية.
ولفت التقرير إلى تحركات سياسية مهمة في الأسواق المتقدمة، متوقعاً أن «تؤدي مئات البلايين من الدولارات من التمويل والحوافز الجديدة إلى خفض الانبعاثات في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين ودفع الأبحاث إلى تقنيات جديدة لإزالة الكربون، بالإضافة إلى توسيع حصة السوق من أجل سيارات كهربائية».
وتوقع أن تدفع الدول النامية، التي تؤكد أنها لا تتحمل سوى القليل من المسؤولية عن التراكم التاريخي لثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، نمو الطلب على الطاقة خلال الثلاثين عاماً المقبلة.
وقال الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي، جوزيف ماكمونيغل: «اهتزت التوقعات بحدوث تحول عالمي خطي مع تعايش الأهداف المناخية مع الأولويات المتعلقة بأمن الطاقة، والوصول إلى الطاقة والقدرة على تحمّل التكاليف».
وأضاف: «بدلاً من ذلك، هناك حاجة إلى نهج (متعدد الأبعاد)، يشمل مواقف مختلفة في أجزاء مختلفة من العالم، ويعكس نقاط انطلاق متنوعة، وتنوع نهج السياسة».
من جهته، قال دانييل يرغين ، نائب رئيس «S&P Global»: «إن سلسلة من الصدمات والأزمات والتوترات في نظام الطاقة العالمي جعلت تحوّل الطاقة أكثر تعقيداً»، مضيفاً أن «التحوّل إلى اقتصاد عالمي بقيمة 100 تريليون دولار في ربع قرن يمثّل تحدياً كبيراً».
وجادل المشاركون من البلدان النامية في الجنوب العالمي بأنه «اعتماداً على وصولهم إلى موارد الطاقة الأصلية والمستوردة، واحتياجات التمويل والجغرافيا، يحتاج الكثير من هذه البلدان إلى الوصول إلى الهيدروكربونات لرفع مستوى معيشتهم قبل أن تتغير مسارات انبعاثاتهم».
ودار النقاش في الطاولات المستديرة حول احتياجات الاستثمار، حيث لاحظ بعض المشاركين أن حظر التمويل على مجالات إنتاج الطاقة يرفع تكلفة الطاقة ويعيق النمو الاقتصادي ويهدد بتقويض الدعم العام لعملية الانتقال عندما لا تكون مصادر الطاقة البديلة التنافسية متاحة بعد. (عن "الشرق الأوسط")