جريدة "الدستور" المصرية ـ مدينة أبنوب في أسيوط تشكو إلى الله فقر حالها، وتدعو ربها إلى أن يُشفي مرضاها المصابين بالفشل الكلوي ومرض الكبد الوبائي نتيجة تجرعهم "المياه السوداء" الناتجة عن مخلفات الصرف الصحي.
أرضها ترتوي المياه الملوثة، المتشكلة من خلف مساكنها، وهي من أخطر مصادر التلوث في محافظة أسيوط، وتمتد آثارها الخطرة لتختلط بمياه الشرب في المناطق القريبة منها، وأصبحت تهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات، حالها حال العديد من قرى الصعيد.
المشكلة الكبرى ما يقوم به مستشفى أبنوب المركزي من تصريف للمياه الناتجة من "وحدة الغسيل الكلوي" عبر ما يسمى في قرى الصعيد "الأيسون"، وهي بئر عميقة تصل إلى المياه الجوفية لتختلط بها المياه الناتجة عن مخلفات وحدة الغسيل الكلوي.
أكد حسن عبدالرحيم سند على المعاناة التي يعيشها من الروائح الكريهة التي تخرج من خلف المساكن نتيجة تصريف مخلفات الصرف الصحي على "الترعة المجاورة للعمارات"، قائلا: "تقدمنا بالعديد من الشكاوى إلى المحافظة من أجل استكمال مشروع الصرف الصحي، الذي بدأ في أبنوب منذ سنوات ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن". وطالب بزيارة يقوم بها محافظ أسيوط وفريق من الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي لمعاينة الوضع على الطبيعة.
وأكد عدد من السكان على أن المياه الملوثة أصابت العديد من الأطفال بالأمراض نتيجة لتكاثر الحشرات الضارة. وقال أحدهم: "مش بنعرف ننام من الناموس (البعوض)، لأن الصرف الصحي متسرب على الترعة، والترعة بتشرب منها بهايم وبتشرب منها الأرض، وكل الخضروات إللي جاية من الزرع أكيد ملوثة، ويا ريت المسؤولين يشوفوا لهم حل".
وأشار ياسر السوالمي، المتخصص بصحة البيئة، إلى أن هذه المياه تشتمل على العديد من الملوثات الخطرة، سواء كانت عضوية أو كيميائية كالصابون والمنظفات الصناعية والبكتيريا الضارة للإنسان والحيوان والنبات، مضيفاً: "مثال ذلك بكتيريا السالمونيلا التي تؤدي إلى الإصابة بمرض حمى التيفوئيد والنزلات المعوية. وتسبب بكتيريا الشيجلا أمراض الإسهال، كما تسبب بكتيريا الإسشيرشيا كولاي القيء والإسهال، وقد تؤدي إلى الجفاف خاصةً عند الأطفال. أما بكتيريا اللبتوسبيرا فتترتب عليها أمراض التهابات الكبد والكلى والجهاز العصبي المركزي. وتسبب بكتيريا الفيبريو مرض الكوليرا".
يقول أحد العاملين في ورشة سيارات: "نعيش حياة غير آدمية قطعاً، ويرجع ذلك إلى تجاهل المسؤولين لشكوانا التي مرت عليها عدة سنوات".