خطفت أحدث دول منتجة للنفط في العالم الأضواء في مؤتمر لتكنولوجيا التنقيب البحري الأسبوع الماضي، في ظل خطط طموحة لتحقيق اكتشافات نفط وغاز في سباق معاكس للانتقال العالمي للطاقة إلى أنواع الوقود منخفضة الكربون.
ففي المؤتمر الذي سلّط الضوء على الوقود من الموارد المتجددة أو ذلك الذي ينتج عن حرقه مواد أقل تلويثاً للبيئة ونقل المستثمرين رهاناتهم بعيداً عن الوقود الأحفوري، عرضت البرازيل وغانا وجيانا وسورينام جداول أعمال لضخ اكتشافات ضخمة للنفط والغاز قد تعيد تشكيل اقتصاداتها، إذا كان بمقدورها طرحها في السوق قبل تآكل قيمتها.
وكان التناقض بين أهدافها والحكومات التي تتحرك صوب فرض قواعد للوصول بصافي انبعاثات الكربون إلى صفر بحلول 2050، واضحاً في أول مؤتمر ومعرض كبير لتكنولوجيا النفط الأميركية منذ الجائحة.
وشهد مؤتمر هيوستون للعام الجاري، والذي طالما كانت شركات النفط تتباهى فيه باختراقات حققتها في مجال التنقيب في المياه العميقة، استعراضاً لأنواع من الوقود أقل تلويثاً للبيئة والحاجة الملحة لخفض الانبعاثات، وإبرازاً للتكنولوجيا منخفضة الكربون، واستغلال الرياح البحرية والهيدروجين الذي لا يلوث البيئة بحرقه.
وقال وزير الطاقة في غانا ماثيو أوبوكو بريمبه في كلمة ردد صداها منتجون ناشئون آخرون: «لدينا الملايين بلا كهرباء في أفريقيا... الانتقال في الطاقة لا يعني أننا سنرى مواردنا غير مستغلة».
وقال بهارات جاغديو نائب رئيس جيانا في المؤتمر إنه بينما تغطي الغابات ثلاثة أرباع دولته، فإن الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الاكتشافات الضخمة للنفط والغاز والتي بدأ للتو استغلالها من الممكن استيعابها. وقال جاغديو: «جرت دعوتنا لترك نفطنا في باطن الأرض. نعتقد أن هذا أمر غير عادل تماماً... نظراً لأننا دولة صغيرة، لن يكون لدينا القدرة وإطار العمل لتشغيل أمثل لصناعة النفط في الوقت الحالي، لكننا سنواصل التحسن».
وتعتقد سورينام أيضاً، والتي تتقاسم حوضاً نفطيا مع جيانا، أنها يمكن أن تنضم إلى قائمة كبار المنتجين وأن تستخدم إيرادات النفط في تمويل تطوير وقود أقل تلويثاً للبيئة. وتعمل مع شركتي النفط العالميتين توتال إنرجيز وشيفرون كورب، وقطر للبترول المملوكة للدولة بشأن اكتشافات محتملة.
وقال باتريك برونينغز، مدير التنقيب والأصول تحت السطحية في شركة الطاقة الحكومية ستاتسولي في سورينام: «علينا أن ندرك ما الذي ستقدمه صناعة الغاز والنفط في النهاية... سنحتاج إلى ذلك المال للاستثمار في تلك الصناعات الخضراء». وقال مسؤولون تنفيذيون في قطاع النفط إن هذه الأحواض البحرية الجديدة وبعض الأحواض الموجودة بالفعل، بما فيها خليج المكسيك في الولايات المتحدة، تنتج نفطاً بانبعاثات كربونية أقل بسبب التقنيات المتقدمة والآبار الأكبر حجماً.
وقال خبراء إنه حتى مع زيادة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين كمصادر للطاقة، فإن الطلب على الوقود الأحفوري لن يتلاشى. ويمكن دعم الأهداف المتعلقة بالغازات المسببة للاحتباس الحراري إذا طوّر المنتجون حقول نفط ذات انبعاثات كربونية أقل من المناطق التقليدية.
وقالت فيرونيكا كويلو، التي ترأس إكوينور النروجية في البرازيل: «الضروري أن نتأكد من أننا ننتج الطاقة التي يحتاجها المجتمع بطريقة مسؤولة». وتروّج البرازيل، وهي بالفعل قوة نفطية، للنفط المدفون تحت طبقة سميكة من الصخور والملح على أنه أحد مصادر الوقود الأحفوري الأقل تلويثاً للبيئة. وتخطط لعقد جولتي عروض هذا العام وتشجيع تطوير مناطق «ما قبل الملح». وقال ديسيو أودون، الرئيس التنفيذي لإيناوتا بارتيسيباسويس البرازيلية المنتجة للنفط: «ما قبل الملح هو أصل استثنائي وشديد الأهمية».
وفي ظل أفق زمني استثماري يتراوح بين خمس وعشر سنوات قبل احتمال بدء الإنتاج في الحقول الجديدة، يدعو المنتجون إلى ترسية تراخيص جديدة. وقال رودلفو سابويا من الهيئة المعنية بتنظيم قطاع النفط في البرازيل: «في ظل الانتقال لمصادر طاقة جديدة، إذا لم نعرض تلك الأصول الآن، سنخاطر بترك الموارد في باطن الأرض... هذه آخر الفرص الكبيرة». (عن "الشرق الأوسط")