أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) عن اختيار برامج إعادة تأهيل النظم البيئية الساحلية والبحرية في أبوظبي، والتي تقودها هيئة البيئة-أبوظبي، ضمن قائمة أفضل عشر مبادرات عالمية لاستعادة وتأهيل النظم البيئية، والتي تم الإعلان عنها على هامش الاجتماعات رفيعة المستوى التابعة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالتنوُّع البيولوجي (CBD COP15)، والتي انعقدت من 13 إلى 17 كانون الأول (ديسمبر) في مونتريال، في كندا.
وتم اختيار هذه البرامج بعد إجراء عمليات تقييم وفقاً لمعايير ومتطلبات برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، حيث نجحت البرامج والمبادرات التي تنفذها الهيئة للمحافظة على النظم البيئية الساحلية والبحرية وإعادة تأهيلها، بأن تكون واحدة من المبادرات الواعدة والطموحة والتي تعتبر نموذجاً رائداً على الصعيد العالمي.
تم الاختيار من بين أكثر من 150 مرشحاً من مختلف دول العالم، وبعد مصادقة 70 جهة حكومية، وذلك نتيجة لجهود الهيئة في إعادة تأهيل موائل التنوُّع البيولوجي الفريدة، التي توفرها سواحل أبوظبي ومياهها لأنواع الحيوانات البحرية المهددة بالانقراض وللمجتمعات المحلية.
وتعتبر المناطق الساحلية والبحرية في أبوظبي، الواقعة على الحدود الجنوبية للخليج العربي، نقطة ساخنة للتنوُّع البيولوجي، فهي تأوي العديد من الموائل الهامة التي تدعم مجموعة واسعة من الأنواع البحرية والأسماك الكبيرة، حيث عملت الهيئة على تحسين حالة المخزون السمكي المتدهور الذي كان قد تعرض للاستنزاف بنسبة تصل إلى 85 في المئة، والذي تم رصده من خلال الدراسات والمسوحات التي أجرتها الهيئة. ومع تنفيذ القرارات والإجراءات المتعلقة بصيد الأسماك التي اتخذتها الهيئة لحماية المخزون السمكي أظهرت النتائج والمخرجات أن أبوظبي تسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفها المتمثل في مصايد أسماك مستدامة بحلول عام 2030، فقد تم تحقيق تحسّن في "مؤشر الصيد المستدام" لثلاث أعوام على التوالي، حيث ارتفع المؤشر من 8.9 في المئة في عام 2018 إلى 62.3 في المئة في نهاية عام 2021. وستستمر الهيئة بتنفيذ خطتها لضمان تعافي المصائد السمكية وتحقيق الصيد المستدام.
كما ساهمت الجهود التي تبذلها الهيئة لإنشاء وإدارة المحميات الطبيعية من خلال شبكة زايد للمحميات الطبيعية التي تضم 6 محميات بحرية تمثل 14 في المئة من مساحة البيئة البحرية في أبوظبي في الحفاظ على عناصر التنوُّع البيولوجي، وضمان استدامة الموارد وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها. فقد أظهرت هذه الجهود نتائج إيجابية لعدد من الموائل والأنواع، حيث ساعدت في تحقيق الاستقرار للكائنات الهامة وزيادة أعداد الطيور مثل الفلامنغو، واستقرار البيئات مثل الشعاب المرجانية التي أطلقت الهيئة مبادرة خاصة لإعادة تأهيلها، حيث إنها تعتبر واحدة من أكثر الموائل البحرية أهميةً. فقد أطلقت الهيئة أكبر مشروع لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة بهدف استزراع أكثر من مليون مستعمرة من الشعاب المرجانية لزيادة مساحتها في أبوظبي، والحد من التأثير السلبي للضغوط الطبيعية التي تتعرض لها الشعاب المرجانية الناتجة عن التغيُّر المناخي، وارتفاع درجات الحرارة في قاع البحر، والحد من تأثيرات التغيُّر المناخي والتكيُّف مع آثاره.
كما ركزت الهيئة جهودها على حماية أشجار القرم، حيث حرصت على تكثيف برامج زراعة وإعادة تأهيل مناطق أشجار القرم واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، مثل الطائرات بدون طيار التي حصلت على اعتراف من المنتدى الاقتصادي العالمي كأحد أفضل المشاريع المبتكرة في مجال الكربون الأزرق. وخلال الـ 10 سنوات الماضية تم زراعة 15 مليون شجرة قرم ساهمت بزيادة مناطق أشجار القرم في أبوظبي بمعدل يتخطى 35 في المئة، واليوم تصل مساحة أشجار القرم في أبوظبي إلى 176 كليومتر مربع بما يشمل الأشجار الطبيعية والمزروعة. وكشفت الدراسات التي أجرتها الهيئة عن قدرة أشجار القرم في أبوظبي على تخزين الكربون بمعدل 0.5 طن لكل هكتار سنوياً، وهذا يعادل 8750 طن على مستوى أبوظبي، أي ما يوازي استهلاك الطاقة في 1000 منزل بشكل سنوي.
كما أدّت جهود الهيئة إلى المحافظة على سلامة مروج الأعشاب البحرية، الأمر الذي ساهم في استقرار أعداد أبقار البحر في موائلها الطبيعية في أبوظبي التي تعتبر موطناً لثاني أكبر تجمع لأبقار البحر تصل أعداده إلى أكثر من 3 آلاف بقرة بحر، والتي تعتبر الأعلى كثافة للمتر المربع بمنطقة الخليج العربي. كما أظهرت نتائج الدراسات تحسناً في أعداد السلاحف واستقرارها في أبوظبي خلال السنوات الماضية، والتي تقدّر أعدادها بنحو 5000 سلحفاة من سلاحف "منقار الصقر" والسلاحف "الخضراء" والسلاحف ضخمة الرأس. كما وفّرت جهود الهيئة الحماية لثلاثة أنواع من الدلافين ونوع واحد من خنازير البحر، حيث تحتضن مياه أبوظبي ما يزيد عن 700 دلفين تعيش معظمها في مناطق المحميات البحرية، بما فيها أكبر مجموعة من دلافين المحيط الهندي الحدباء في العالم.