يهدد الجفاف الذي ضرب العديد من أجزاء العالم خلال العام الجاري توليد الطاقة الكهرمائية، ويهدد تلقائياً استراتيجية إحلال الطاقات المتجددة التي كان يعول عليها العالم لتحل محل الفحم الحجري والنفط الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الكبريت.
وحسب نشرة "ستاندرد أند بورز" الأميركية، فإن دول الاتحاد الأوروبي كانت من أكبر المناطق التي تأثرت بالجفاف في توليد الكهرباء من مساقط المياه في العالم، حيث تأثرت شركات الكهرباء الكبرى في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال خلال النصف الأول من العام الجاري بموجة ارتفاع درجات الحرارة وقلّة هطول الأمطار، ما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الأنهار، وبالتالي انخفاض حجم التوليد.
وتقول نشرة "ستاندرد أند بورز" في هذا الصدد، إن الجفاف أدى إلى تراجع حجم الطاقة الكهرمائية المولدة في القارة الأوروبية في تموز (يوليو) الماضي إلى أقل من مستوى الطاقة الشمسية لأول مرة في تاريخ دول الاتحاد الأوروبي.
وحسب بيانات أوروبية انخفض توليد الكهرباء من مساقط المياه بنسبة 30 في المئة في فرنسا خلال النصف الأول من العام، كما انخفض بنسبة 40 في المئة في إيطاليا وإسبانيا.
وتعدّ الطاقة الكهرمائية من الطاقات التي يعتمد عليها العالم في خفض درجة التسخين الحراري إلى جانب الغاز الطبيعي. وحسب شركة "رايستاد" النروجية لأبحاث الطاقة، فإن الطاقة الكهرمائية تساوي حالياً نحو سدس إجمالي الطاقة المولّدة في العالم وتأتي حصتها في توليد الطاقة في المرتبة الثالثة بعد الغاز الطبيعي والفحم. كما تستخدم كهرباء المياه بكثافة في الصناعة وأن 60 في المئة من الطاقة الكهرمائية تستخدم في المصانع.
في الشأن ذاته، قول تقرير في نشرة "هايدرو رفيو"، إن إجمالي حجم الطاقة الكهرمائية في العالم ارتفع بنسبة 75 في المئة منذ نهاية الألفية الثانية من 340 جيغاواط إلى 1200 جيغاواط بنهاية العام الجاري.
الصين دولة قيادية في إنتاج الطاقة الكهرمائية
وتعدّ الصين الدولة القيادية في إنتاج الطاقة الكهرمائية في العالم البالغة 1200 جيغاواط، حيث تبلغ حصتها 340 جيغاواط من إجمالي الطاقة الكهرمائية العالمية، بينما تأتي بعدها البرازيل بحصة 112 جيغاواط والولايات المتحدة بحصة 84 جيغاواط وكندا بحصة 81 جيغاواط وروسيا بحصة 50 جيغاواط.
لكن نشرة "هايدرو رفيو" لاحظت أن الدول الآسيوية رفعت من حجم التوليد الكهرمائي في السنوات الأخيرة من 462 جيغاواط في العام 2017 إلى 514 جيغاواط في العام الجاري، كما رفعت دول أميركا الجنوبية حجم التوليد من 175 جيغاواط إلى 192 جيغاواط.
ورغم أن التغيُّر المناخي هدد التوليد الكهربائي، فإن خبراء الطاقة يعتقدون أن الطاقة الكهرمائية ستلعب دوراً رئيسياً في الطاقة المتجددة خلال العقود المقبلة.
من جانبه يقدر اتحاد الطاقة الكهرمائية العالمي في تقريره الصادر في حزيران (يونيو) الماضي، أن الطاقة الكهرمائية يمكن أن تحل بسهولة محل الفحم الحجري، إذا توفرت الاستثمارات المطلوبة.
وحسب التقرير فإن الطاقة الكهرمائية التي تم توليدها في العام الماضي 2021 بلغت 26 جيغاواط وهي بالتالي أعلى من تلك التي تم توليدها في العام 2020 والبالغة 21 جيغاواط، ولكنها تظل أقل من الحجم السنوي المطلوب لتقليل معدل التسخين الحراري في الجو المطلوب. ويقدّر الاتحاد الحجم السنوي للطاقة الكهرمائية المطلوبة بنحو 30 جيغاواط سنوياً أو 45 جيغاواط لتحقيق الأهداف الطموحة لخفض معدل التسخين الحراري.
وفي الولايات المتحدة، بلغ حجم توليد الطاقة الكهرومائية نسبة 32 في المئة من إجمالي توليد الكهرباء عبر الطاقات المتجددة. ولكن الرئيس التنفيذي لاتحاد الطاقة الكهرمائية في أميركا، مايكل وولف، يرى أن هنالك عقبات تواجه التوليد الكهرمائي في أميركا. من بين هذه العقبات الكلف الباهظة والسنوات الطويلة التي يأخذها الترخيص لإنشاء الخزانات.
يُشار إلى أن ثمة اهتمام متزايد من دول العالم لبناء محطات للطاقة الكهرمائية، فقد أعلنت شركة "ستيت جريد" الحكومية الصينية لتوزيع الكهرباء في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، خطة لاستثمار 38.7 بليون يوان (5.7 بليون دولار) لبناء خمس محطات للطاقة الكهرمائية، في إطار جهود الدولة لزيادة توليد الكهرباء من مصادر متجددة. (عن "العربي الجديد")