عندما يتطرق الحديث عن التغيُّرات المناخية، عادة ما يتم الإشارة إلى تأثيراتها المتمثلة في فقدان الجليد البحري، وارتفاع منسوب البحر المتسارع، وموجات حرارة أطول وأكثر شدة. ولكن دراسة لباحثين من معهد وودز هول لعلوم المحيطات في أميركا، تم نشرها الجمعة في دورية «ساينس»، ركّزت على اتجاه جديد يتعلق بتأثيرها السلبي على عنصر غذائي مهم في الأسماك وهو «أوميغا 3»، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انخفاض كمية هذا العنصر المتاح للبشر.
وأجرى الباحثون أول مسح على الإطلاق للعوالق في المحيطات العالمية، والتي تتغذى عليها الأسماك، ووجدوا انخفاضاً مرتبطاً بالحرارة في إنتاجيتها من أحماض «أوميغا 3» الدهنية الأساسية، وهي مجموعة فرعية مهمة من جزيئات الدهون، وبالتالي كانت إحدى النتائج المهمة المرتبطة بالمسح، هو أنه مع استمرار الاحتباس الحراري، سيكون هناك عدد أقل من أحماض «أوميغا 3» الدهنية التي تنتجها العوالق في قاعدة شبكة الغذاء، مما يعني انخفاضاً في كميتها المتاحة للأسماك وللناس.
ويعدّ حمض «أوميغا 3» الدهني من الدهون الأساسية التي لا يستطيع جسم الإنسان إنتاجها بمفرده، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه دهون «جيدة» ترتبط بصحة القلب.
وفي هذه الدراسة، فحص الباحثون باستخدام مقياس الطيف الكتلي أنواع الدهون الموجودة في العوالق من 146 موقعاً، تم جمعها خلال سبع رحلات بحثية من 2013 إلى 2018، ولاحظ الباحثون أنه «رغم أن دهون العوالق تتأثر بالعديد من العوامل البيئية مثل توافر المغذيات، فإن الورقة البحثية تشير إلى أن أهم عنصر تحكم أساسي في تكوينها، هو درجة الحرارة». ومن خلال تحليل 930 عينة دهنية توجد بالعوالق، وجدوا «انخفاضاً في الحمض الدهني الأساسي (EPA)، وهو أحد أكثر أحماض (أوميغا 3) الدهنية المغذية»، وقد تم ربطه بالعديد من الفوائد الصحية، وهو متاح على نطاق واسع كمكمل غذائي.
ويقول بنجامين فان موي، مؤلف مشارك في الدراسة في تقرير نشره الموقع الرسمي لمعهد وودز هول لعلوم المحيطات بالتزامن مع نشر الدراسة، «تشير نتائجنا بوضوح أن تركيبة الدهون في المحيط ستتغير مع ارتفاع درجة الحرارة، وهذا مدعاة للقلق، فنحن بحاجة إلى تلك الدهون لأنها تؤثر على جودة الغذاء الذي ينتجه المحيط للبشرية». (عن "الشرق الأوسط")