كشفت دراسة جديدة أن أجزاء من شرق آسيا يمكن أن تشهد تشكّل "أنهار في السماء" بسبب تغيُّر المناخ، ما يؤدي إلى مستويات قياسية من هطول الأمطار معها.
وابتكر العلماء نموذجاً للتحقيق في سلوك الأنهار الجوية والأمطار الشديدة في شرق آسيا في ظل نتائج مختلفة لتغيُّر المناخ.
ويُستخدم مصطلح الأنهار الجوية لوصف مسارات طويلة وضيقة من بخار الماء المتكثف. ويمكن أن تتسبب هذه المسارات الضيقة من الرطوبة المركزة في السماء في حدوث فيضانات بسرعة عندما تصطدم بحاجز مثل سلسلة جبلية، ما يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من المياه في فترة زمنية قصيرة.
ووفقاً لنماذج العلماء، ستكون أحداث هطول الأمطار في شرق آسيا أكثر تواتراً وأكثر حدة في العقود القادمة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب. سيتم نقل المزيد من المياه عبر الهواء، وسيهبط المزيد من الأمطار على الأرض.
وأجرى العلماء هذه الدراسة بعد أن عانت منطقة شرق آسيا من هطول أمطار غزيرة للغاية في تموز (يوليو) 2018 وتموز (يوليو) 2020 بسبب الأنهار الجوية.
ولفهم التأثير، استخدم الفريق نماذج محاكاة عالية الدقة لدورات الغلاف الجوي العالمية التي تعيد فعلياً خلق الظروف في الغلاف الجوي.
ونظروا في نماذج مناخية إقليمية أخرى، وقارنوا عمليات المحاكاة القائمة على بيانات حقيقية للأرصاد الجوية من 1951 إلى 2010 مع تنبؤات لعام 2090.
واستخدم المؤلفون سيناريو المناخ الذي من شأنه أن يؤدي إلى 7.2 درجة فهرنهايت (4 درجات مئوية) من الاحترار، مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة، وهو أكثر بكثير من الهدف 3.6 درجة فهرنهايت (2 درجة مئوية) المحدد كجزء من اتفاقية باريس للمناخ .
ووجد العلماء من جامعة تسوكوبا في اليابان، أنه إذا ارتفعت درجات الحرارة بمقدار 7.2 درجة فهرنهايت (4 درجات مئوية)، فإنه في أسوأ السيناريوهات، سيتم تعزيز الأنهار الجوية، ما يؤدي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة لهطول الأمطار في جميع أنحاء شرق آسيا.
ورغم أنهم نظروا إلى شرق آسيا فقط، يقول الفريق أن توقعاتهم ستنطبق أيضاً على مناطق خطوط العرض المتوسطة ذات السلاسل الجبلية شديدة الانحدار، بما في ذلك أوروبا وأميركا الشمالية.
ويسمح إنشاء عمليات محاكاة تستند إلى نتائج مختلفة لتغيُّر المناخ للعلماء بالتنبؤ بتأثير أحداث الطقس المختلفة مع ارتفاع درجة حرارة العالم.
ويقول الفريق الياباني إنهم رأوا بالفعل علامات واضحة على ارتفاع درجة حرارة الأرض التي تضرب أجزاء من البلاد، لذلك أرادوا معرفة كيف يمكن أن تسوء الأمور.
وكتبوا: "لقد أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن الاحتباس الحراري يعني أكثر من مجرد ارتفاع درجات الحرارة".
وأصبحت الأحداث المتطرفة، مثل هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات وموجات الحر، أكثر تواتراً وشدةً في جميع أنحاء العالم.
وحذّر العلماء من أن هذا "يخلق حاجة ملحة للتنبؤ بهذه التغييرات والاستعداد لها" في المستقبل، عند مناقشة الحاجة إلى عملهم.
ويتمثل أحد الأحداث المناخية المتطرفة المدمرة بشكل خاص في زيادة هطول الأمطار إلى مستويات غير متوقعة وغير مسبوقة، ما قد يؤدي إلى حدوث فيضانات.
وللمساعدة في التنبؤ بأحداث هطول الأمطار، نظر العلماء في أحد الأسباب: تفاعل الأنهار الجوية مع سلاسل الجبال.
وشرح الفريق: "كما يوحي الإسم، فإن الأنهار الجوية عبارة عن نطاقات طويلة وضيقة من بخار الماء المركز الذي يتدفق عبر الغلاف الجوي. وعندما يلتقي أحد هذه النطاقات مع حاجز، مثل سلسلة جبال، يمكن أن ينتج عنه مستويات قصوى من الأمطار أو تساقط الثلوج".
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، البروفيسور يويتشي كاماي، إن عمليات المحاكاة تتنبأ بنقل بخار الماء المعزز، فضلاً عن زيادة هطول الأمطار بمستويات غير مسبوقة.
وفي عمليات المحاكاة، حدثت أكبر كميات من الأمطار المرتبطة بالنهر في الغلاف الجوي على المنحدرات الجنوبية والغربية للجبال في شرق آسيا، بما في ذلك اليابان وشبه الجزيرة الكورية وتايوان وشمال شرق الصين.
وسيكون أكبر هطول للأمطار على المنحدرات الجنوبية الغربية لجبال الألب اليابانية.
واقتصرت الدراسة على شرق آسيا بسبب وقت الكمبيوتر وقيود المعالجة، لكنهم توقعوا أنها ستطبق على مناطق أخرى حول العالم.
وأوضح البروفيسور كاماي: "من المحتمل أن تكون نتائجنا قابلة للتطبيق أيضاً في مناطق أخرى من خطوط العرض الوسطى حيث تلعب التفاعلات بين الأنهار الجوية والجبال شديدة الانحدار دورا، رئيسياً في هطول الأمطار، كما هو الحال في غرب أميركا الشمالية وأوروبا. وقد تتعرض هذه المناطق أيضاً لظواهر هطول شديدة أكثر تواتراً وشدة مع ارتفاع درجة حرارة المناخ".
ونُشرت نتائج الدراسة مفصلة في مجلة Geophysical Research Letters. (عن "ديلي ميل")