جسيمات PM2.5 التي غالباً ما تنتج من التلوث مسؤولة عن أكثر من 4 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام حول العالم.
وأظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature Communications بقيادة باحثين يابانيين وأوستراليين أن التلوث الناجم عن العادات الاستهلاكية في أكبر اقتصادات العالم يؤدي إلى نصف تلك الوفيات.
وأظهر الباحثون اليابانيون والأوستراليون أن الحجم الصغير جداً هو ما يجعل جسيمات PM2.5 خطيرة للغاية، حيث يسهل استنشاقها، وتتراكم داخل الرئتين، ما يزيد بشدة من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض الفتاكة الأخرى. ومع ذلك، فإن الفقراء هم الأكثر عرضة للإصابة بجسيمات PM2.5 ويموتون قبل الأوان.
وقال الدكتور كيسوكي نانساي، مدير الأبحاث في برنامج أبحاث ابتكار تدفق المواد التابع للمعهد الوطني للدراسات البيئية في اليابان، والذي كان أستاذاً زائراً في تحليل الاستدامة المتكامل (ISA) من جامعة سيدني، وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة: "تحدث معظم الوفيات في البلدان النامية، ومن دون تنسيق دولي سيزداد الوضع سوءاً".
وفي حين أن معظم البلدان تقر بأنها تساهم في مستويات PM2.5، إلا أنه لا يوجد اتفاق يذكر حول مقدار المسؤولية المالية وبالتالي مسؤوليتها.
وكل عام، يساهم التعرض للجسيمات الدقيقة في وفاة أكثر من 4 ملايين شخص بسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية وسرطان الرئة وأمراض الرئة المزمنة والتهابات الجهاز التنفسي. وتقع معظم هذه الوفيات في البلدان النامية، حيث يرتبط التلوث بإنتاج السلع الاستهلاكية، ليس فقط للسكان المحليين، ولكن أيضاً للأسواق الدولية.
وتوضح الدراسة الجديدة أنه "من بين العديد من المشكلات البيئية التي تؤثر على صحة الإنسان، يتمثل التهديد الأكبر في استنشاق جزيئات PM2.5".
وغالباً ما ترتبط انبعاثات تلوث الهواء (خاصة تلك الموجودة في البلدان منخفضة الدخل) بإنتاج السلع التي يتم استهلاكها في بلدان أخرى، التي غالباً ما تكون عالية الدخل.
في الآونة الأخيرة، بدأ الباحثون في إلقاء نظرة فاحصة على الآثار الصحية لنقل التلوث عبر الحدود (التلوث الناتج في دولة ما والذي يؤثر بعد ذلك على دولة أخرى) والانبعاثات المرتبطة بالتجارة.
ومن الصعب تقدير تأثير انبعاثات PM2.5، لأن بعض هذا التلوث يأتي من تكوين الجسيمات الثانوية، التي تتشكل داخل الغلاف الجوي نتيجة لانبعاثات أخرى.
وتمكن فريق بقيادة كيسوكي نانساي، الأستاذ المساعد في المدرسة العليا للدراسات البيئية في جامعة ناغويا في اليابان، من معالجة هذا الأمر. وأجروا دراسة نمذجة لتحديد مسؤولية المستهلك من دولة إلى دولة عن الوفيات العالمية بسبب جزيئات PM2.5 الأولية والثانوية. وركزوا على تأثير 19 دولة من أصل 20 دولة في مجموعة العشرين.
وربط الباحثون بين تجارة السلع واستهلاكها في دول مجموعة العشرين وبين التعرض للجسيمات الدقيقة PM2.5 في 199 دولة. ووجدوا أنه في عام 2010، تسبب الاستهلاك في دول مجموعة العشرين في حدوث 1.983 مليون حالة وفاة مبكرة بمتوسط عمر 67 عاماً، وحدثت 78600 منها عند الرضع.
وبشكل عام، تسبب استهلاك السلع في الولايات المتحدة وعشر دول أخرى في مجموعة العشرين في حدوث أكثر من 50 في المئة من الوفيات المبكرة المرتبطة بجسيمات PM2.5 في بلدان أخرى.
وهذا يعني أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع الرابط بين استهلاكنا والتلوث، كما أخبر نانساي موقع ZME Science.
ويشير نانساي إلى أن الشيء الجيد في هذه النتائج هو أنه يمكننا جميعاً إحداث الفرق. ويشرح أنه من المهم بناء الوعي بالمشكلة ودمجها في تعليمنا، "إننا جميعا مترابطون في العالم، ومن المهم أن نكون على دراية بهذا".
ويخلق التلوث الناتج عن انبعاثات الإنتاج دافعاً لتنفيذ تدابير مشتركة لخفض PM2.5 في البلدان المجاورة. وقال نانساي: "مثل هذا التعاون غير مرجح بين الدول المتميزة جغرافياً".
ويشكل أعضاء مجموعة العشرين أكثر من ثلاثة أرباع التجارة الدولية والناتج الاقتصادي العالمي. لذلك، رأى نانساي وزملاؤه أن فهم تأثير استهلاك هذه الدول على مستويات PM2.5 من شأنه أن يوفر معياراً موثوقاً به.
وباستخدام قاعدة بيانات Eora، التي تم إنشاؤها منذ ما يقارب العقد من الزمان لقياس سلاسل التوريد العالمية حول العالم، حددت الدراسة الانبعاثات الناتجة عن الاستهلاك وحده.
وتظهر الدراسة أن الاستهلاك من قبل الدول الأكثر استهلاكاً في العالم، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يسبب عدداً كبيراً من الوفيات المبكرة في الدول البعيدة، مثل الصين والهند، في حين أن الوفيات المبكرة الناجمة عن عادات الإنتاج أكثر شيوعاً في الدول المجاورة، مثل المكسيك وألمانيا.
ونُشرت الدراسة في مجلة Nature Communications، بعنوان: "الاستهلاك في دول مجموعة العشرين يتسبب في تلوث الهواء بالجسيمات ما يؤدي إلى حدوث مليوني حالة وفاة مبكرة سنوياً". (عن "phys.org")