بغداد/جنيف، 4 أيار/ مايو2021 – عانت الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، من دمار هائل نتيجة النزاع الذي نشب مع تنظيم داعش. ونتج عن المعارك ما يقّدر بنحو 7-8 ملايين طن من الأنقاض، لا سيما في المدينة القديمة على ضفاف نهر دجلة. ولمعالجة هذا العبء الهائل، يتعاون برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة الدولية للهجرة مع بلدية الموصل، بدعم من اليابان، لإنشاء أول مركز لإعادة تدوير الأنقاض في المدينة.
في الفترة التي أعقبت النزاع مباشرة، رُفعت مئات الآلاف من الأطنان من أنقاض الشوارع في حملات متعددة بغية جعلها سالكة والسماح للسكان بالوصول إلى منازلهم وأعمالهم، وتمكين إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس ومحطات معالجة المياه.
ولكن غالباً ما تم التخلص من الأنقاض المرفوعة بطريقة عشوائية في المساحات المفتوحة والوديان ونثرها على جوانب الطرقات لعدم وجود مواقع مخصصة للتخلص من الأنقاض، مما تسبب في خلق مشاكل في هذه المدينة التي تعاني من نقصٍ حادٍ في الأراضي. وعلاوة على ذلك، لا تزال الكثير من الأنقاض عالقة في المباني المتضررة مما يتطلب إزالة مخاطر المتفجرات وأعمال معقدة لهدم المباني والذي ستستغرق سنوات عديدة لإطلاق الأنقاض.
وقال الدكتور جاسم حمادي الوكيل الفني لوزارة الصحة والبيئة "توضح هذه المبادرة بشكل عملي أنه بالإمكان إنتاج مواد مفيدة لجهود إعادة الإعمار من خلال معالجة الأنقاض، وخلق فرص عمل للعائدين في أوقات الشدة وتنظيف البيئة الحضرية، بحيث تلبي الاحتياجات الإنسانية وأهداف التنمية المستدامة بصورة مشتركة". وأضاف "نحن ممتنون جداً لحكومة اليابان على دعمها في تحويل مشكلة الأنقاض في الموصل إلى وسيلة لإحداث تغيير إيجابي".
ويستدل المشروع من الدروس المستفادة وأفضل الممارسات التي تم جمعها من خلال أعمال تجريبية لإعادة تدوير الأنقاض التي نفذتها المنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في مدينتي الموصل وكركوك. وفي حين أن الممارسة المعتادة تتمثل في إزالة الأنقاض والتخلص منها بطريقة عشوائية، فإن هذه المبادرة الجديدة ستركز على إعادة استخدام الأنقاض المعاد تدويرها في جهود إعادة الإعمار.
وقال غاري لويس، مدير فرع الكوارث والنزاعات ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة "إن نتائج الفحوصات المختبرية للمواد الإنشائية تؤكد أن الأنقاض المعاد تدويرها تمتثل للمعايير العراقية لتصميم الطرق وهذا يمهد المجال لإدراج مبادئ الاقتصاد الدائري في التعامل مع نفايات البناء والهدم الروتينية بشكل عام، وبالتالي تعزيز نهج "إعادة البناء بشكل أفضل" للتعافي من الأزمات".
وفي قرية البويتر في كركوك، حيث تم تنفيذ المشروع التجريبي لإعادة تدوير الأنقاض، يقول صلال عثمان، الذي يحرس موقع إعادة التدوير واستخدم الحصى المسحوق في فرش الطريق أمام منزله، الذي عادة ما يكون سالكاً أثناء هطول الأمطار"إن الشباب العاطل الذين ليس لديهم أي فرص عمل قد استفادوا بشكل كبير".
وأضاف مجبل مرعي، وهو عامل يبلغ من العمر 24 عاماً، "يجد شباب القرية في مشروع إعادة تدوير الأنقاض فرصة ذهبية لتوفير فرص العمل، إضافة الى تخليصنا من الأنقاض التي تمثل عقبة أمام الكثيرين للعودة وإعادة بناء المنازل".
وبخصوص تجربة قرية البويتر، أشار حسن الجبوري، رئيس ناحية الملتقى، إلى أنها "خطوة ممتازة للتخلص من الكميات الهائلة من الأنقاض وتشغيل الأيدي العاملة في المنطقة في آن واحد"، مضيفاً أنه "مع هذا المشروع، بالإضافة إلى إزالة الأنقاض، فإنه لدينا الآن إمكانية إعادة استخدامها. وبالنظر إلى أن العديد من الطرق الريفية في منطقتنا تحتاج إلى رصف وتعبيد، فإن مخرجات هذا المشروع مناسبة جدا لهذا الغرض".
وقال سفير اليابان لدى العراق، كوتارو سوزوكي، "قدمت اليابان أكثر من 500 مليون دولار أميركي كمساعدات إنسانية للأشخاص المتضررين من الأزمة منذ عام 2014. بالإضافة إلى ذلك، قررت اليابان هذا العام تقديم حزمة مساعدات جديدة للعراق تصل إلى 50 مليون دولار أميركي، بما في ذلك هذا المشروع الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة للبيئة". وأضاف "أشيد بمبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة بشأن إعادة تدوير الأنقاض الذي يحسن البيئة الحضرية وينتج مواد لبناء الطرق وكذلك خلق فرص عمل للشباب".
وأضاف "في اليابان، بعد تعرضها للزلازل، حزن الناس على ما فقدوه وبدأوا في رفع الأنقاض التي كانت تمثل كل ما تبقى من منازلهم وذكريات أحبائهم. إن جيل آبائنا فعل الشيء ذاته في المدن المدمرة بعد الحرب وأعاد بناء الحواضر لشعبه ولأبنائه في المستقبل. نحن نريد مساعدة أهالي الموصل وكركوك في جهودهم لإحياء مدنهم وإعادة بناء حياتهم مرة أخرى". (عن "الأمم المتحدة – العراق)