يُعرف القليل عن هذا الجبن الآتي من صربيا، والمصنوع من حليب يُزعم أنه يبطئ الشيخوخة ويعزز القدرات الجنسية. إنه أغلى أنواع الجبن في العالم، ويصنع من حليب الأتان أي أنثى الحمار.
لم يخطط سلوبودان سيميتش أصلاً ليبني مزرعة. وهو نائب سابق في البرلمان تحول إلى أحد دعاة المحافظة على الطبيعة. فقد سمع قبل عشرين عاماً حديثاً عن أراض خصبة في وسط صربيا، وأخذه حمواه اللذان كانا يعيشان بالقرب منها ليلقي نظرة عليها. يقول: "وقعت في غرامها على الفور".
تقع زازافيتسا، وهو اسم أطلق على المنطقة تيمناً بنهر يمر بها، على مسافة 90 كيلومتراً فقط من بلغراد، لكن مساحتها البالغة 18 كيلومتراً مربعاً كانت غير مكتشفة بالفعل. وتلائم تلك المنطقة هواة مراقبة الطيور، وخلال فصل الصيف تنبض ألوان الطبيعة فيها بالحياة، إلى درجة تجعلك تخالها من عالم آخر. وبفضل علاقات سيميتش السياسية، حوّل تلك الأرض البرية إلى محمية طبيعية عام 1997.
بعد ثلاث سنوات، كان سيميتش يزور معرضاً في بلدة مجاورة، ورأى بضعة حمير بلقانية وهي تتعرض لمعاملة قاسية، إذ يبدو أن أصحابها لم يعودوا بحاجة إليها للعمل أو النقل، فكانت تُضرب وفي حالة يرثى لها. جاءته فكرة لإنقاذها وأخذها إلى زازافيتسا. واليوم، يتجول في تلك المحمية الخضراء 180 حماراً بلقانياً. ثم أضيفت إليها حيوانات محلية أخرى، بما فيها أبقار بودوليان التي يعود أصلها إلى الأبقار الأوروبية البرية. كما أعيدت حيوانات القندس إلى تلك المنطقة.
قال سيميتش: "فقدنا صلتنا بالحيوانات، ونحن بحاجة إلى تلك العلاقة الآن".
يصنع من حليب تلك الحمير أغلى الأجبان في العالم، إذ يباع بما يصل إلى ألف يورو للكيلوغرام، نظراً لقلة إنتاج حليب ذلك النوع، إذ تنتج الأتان 300 مليليتر فقط يومياً.
وحليب الأتان غني بالفيتامينات والمعادن، وقد استعمل لتعزيز المناعة في مناطق البلقان منذ أزمان غابرة. ويُزعم أن الملكة كليوباترا كانت تستحم به، وأنه يقوي القدرة الجنسية ويبطئ الشيخوخة.
لم يُنتج جبن من حليب الحمير من قبل، وتطلّب الأمر عدة محاولات. وأرسل سيميتش في طلب ستيفان مارينكوفيتش، وهو تقني مختص في منتجات الألبان، لأخذ مشورته. وقد وجد مارينكوفيتش أن حليب الحمير لا يحوي ما يكفي من مادة الجُبنين لصنع الجبن، لذا استعان بإضافة حليب الماعز حتى حصل على خلطة نجحت في النهاية، وهو يعمل حالياً ليسجل براءة اختراع في هذا الأمر. ويتألف ذلك الجبن حالياً من نحو 60 في المئة من حليب الحمير و40 في المئة من حليب الماعز.
ولكن على رغم عدم وجود أنظمة ثابتة تتعلق بسلامة حليب الحمير في صربيا، ظهرت مخاوف من استعمال حليب غير معقم، وأُجبرت محمية زازافيتسا الخاصة على إيقاف إنتاج الجبن المصنع فيها. في هذه الأثناء، وحتى تحديد أنظمة رسمية لتلك العملية، يقوم منتجو الجبن المحليون بإنتاج كميات قليلة من جبن حليب الحمير لمزرعة زازافيتسا، من خلال تعقيم الحليب بدرجات حرارة محددة. وتبيع مزرعة زازافيتسا أيضاً مستحضرات تجميل مصنوعة من حليب الحمير مثل الصابون ومراهم الوجه.
وتسعى هذه المزرعة المحمية، المدعومة بمنح دولية، لتصبح مكتفية ذاتياً. ويشمل جزء من الخطة إقامة المخيمات فيها. وقد صُنفت زازافيتسا بين أفضل 100 موقع لقضاء العطلات والتخييم في أوروبا. (عن بي بي سي)