في 17 آذار (مارس) 2013، دشن رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان محطة "شمس 1" للطاقة الشمسية المركزة، التي كانت آنذاك أكبر محطة من نوعها عاملة في العالم.
ولمناسبة مرور ثلاث سنوات على تشغيل المحطة أكد عبدالعزيز العبيدلي، المدير العام لشركة "شمس" للطاقة التي قامت بتصميمها وتطويرها، أنها "إحدى المحطات الأكثر كفاءة عالمياً في مجالات الانتاج والصيانة والأمن والسلامة، ولا شك أن ذلك يعود إلى عوامل كثيرة من أهمها الدعم اللامحدود الذي قدمته حكومة إمارة أبوظبي من خلال مؤسساتها التنفيذية والإشرافية".
ولفت العبيدلي إلى أن محطة "شمس1"، وهي مشروع مشترك بين مبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة (مصدر) وشركة "توتال"، هي الأولى من نوعها التي تم بناؤها وتشغيلها في قلب الصحراء، لتواجه تحديات الطقس القاسي والجاف التي يصعب التنبؤ بها. فصحراء شبه الجزيرة العربية المعروفة بالربع الخالي ترسل عواصف رملية محملة بالأتربة والغبار في اتجاه الشمال، مارة في طريقها بمحطة "شمس 1". هذا الغبار العالق في الطبقات السفلى للغلاف الجوي يقلل من كثافة تدفق الإشعاع الشمسي حد كبير، كما يستقر على سطوح المرايا مسبباً نقصاً في درجات الانعكاس وبالتالي نقصاً في معدلات إنتاج الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى أن العواصف الرملية الشديدة السرعة قد تتسبب في تحطيم المرايا والقواعد المثبتة لها إذا لم يتم اتخاذ اجراءات حماية مناسبة.
وللتغلب على هذا التحدي، تم تصميم المحطة بحيث تكون محاطة بجدار كاسر للرياح ارتفاعه 7 أمتار، يساهم في تخفيف شدة الرياح وسرعتها قبل اصطدامها بالمرايا العاكسة، كما يقف مانعاً تجاه زحف الرمال المستمر.
كما طور مهندسو المشروع آليات متطورة لتنظيف المحطة بشكل آلي وبتدخل بشري ضئيل. وقد أثبتت هذه الآليات فعاليتها في تحقيق مستويات تنظيف عالية بمعدل 95 في المئة وضمان انعكاس الضوء بنسبة كبيرة من صفوف المرايا.
ومن التحديات الأخرى التي تجاوزتها "شمس1" بكفاءة عالية شح المياه. فجميع محطات الكهرباء، سواء التقليدية أو الشمسية، تحتاج إلى تكثيف البخار الخارج من التوربين الموصول بالمولد الكهربائي، ولذا تبنى هذه المحطات بجانب بحيرات أو أنهار أو على الشريط الساحلي، كما هي الحال في معظم محطات الإمارات، حيث تستخدم المياه العذبة أو المالحة لتوفير التبريد اللازم لتكثيف البخار في مكثفات توصف بأنها رطبة. لكن هذه المكثفات الرطبة تستخدم كميات هائلة من المياه، مما يجعلها غير مجدية للاستخدام في المحطات التي تبنى في قلب الصحراء بعيداً عن مصادر المياه كما هي الحال في محطة "شمس1". وحول كيفية تجاوز هذا التحدي قال العبيدلي: "تم اتخاذ القرار باستخدام مبردات هوائية للمرة الأولى في محطة تعمل بالطاقة الشمسية، وساهم هذا القرار في الحيلولة دون استهلاك ما يقارب 200 مليون غالون من الماء بشكل سنوي".
وعلى صعيد إنتاج الكهرباء، التي يتم تزويدها إلى الشبكة العامة في إمارة أبوظبي من خلال محطة فرعية في مدينة زايد في المنطقة الغربية، فقد أنتجت المحطة عام 2015 على سبيل المثال 216 جيغاواط ساعة من الكهرباء النظيفة التي تكفي لتزويد 20 ألف منزل في أبوظبي باحتياجاتها الشاملة للكهرباء على مدار العام. وساهمت خلال العام الماضي في الحيلولة دون اطلاق 175 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، ما يعادل زرع مليون ونصف مليون شجرة أو إزاحة 20 ألف مركبة من الطرقات.
وتعمل محطة "شمس 1" بمبدأ تركيز الإشعاع الشمسي المباشر باستخدام أحواض القطع المكافئ العاكسة. فتقوم صفوف من المرايا بتركيز أشعة الشمس في أنبوب مركزي يتم من خلاله تسخين الزيت الناقل للحرارة. وتدور الأنابيب المركزية في حلقات مغلقة مخصصة لنقل الزيت الذي تم تسخينه بأشعة الشمس المركزة.
في مرحلة لاحقة، تنقل الحرارة التي اكتسبها الزيت إلى الماء، وذلك في مبادلات حرارية يتم من خلالها توليد البخار الذي تصل درجة حرارته إلى 380 درجة مئوية، ومن ثم يتم رفع حرارة البخار إلى 540 درجة مئوية داخل المعززات الحرارية التي صممت خصيصاً لتعزيز كفاءة التوربين البخاري الذي يحرك مولداً بقوة 100 ميغاواط. وأخيراً يتم تكثيف البخار الخارج من التوربين في المبرد الهوائي، ويعاد ضخ المياه المكثفة إلى المبادل الحراري.