"دوائر الجنيات" تسمية أطلقت على بقع غامضة عارية من العشب تنتشر في أراضي ناميبيا العشبية في أفريقيا الجنوبية ويمكن مشاهدتها من الجو. وقد حيرت العلماء ليس فقط بسبب أشكالها المدهشة، بل أيضاً لعدم وجود مثيل لها في أي مكان آخر من العالم.
لكن اكتشافاً جديداً على بعد عشرة آلاف كيلومتر، في براري أوستراليا، قد يساعد الباحثين على حل اللغز، إذ يدعم نظرية أن الأعشاب المتفرقة تنتظم في هذه الأشكال غير العادية للتكيف مع بيئاتها الجافة.
فقد درس علماء من مركز هيلمهولتز للأبحاث البيئية في لايبزيغ بألمانيا صوراً جوية التقطت في منطقة نيومان الأوسترالية، حيث تظهر بقع جرداء ذات أشكال منتظمة شبيهة بتلك التي تشاهد في أفريقيا الجنوبية، وذلك في أراض "انتقالية" مماثلة حيث تلتقي الصحراء بالأراضي العشبية.
وكان بعض العلماء ارتأوا أن التشكيلات الفريدة من نوعها في ناميبيا هي نتاج عمل النمل، فيما عزاها آخرون إلى غازات سامة ربما تنبعث من التراب وتقتل النباتات في أشكال منتظمة غريبة. لكن في أوستراليا، كانت الدوائر خالية نسبياً من الحشرات والبكتيريا السامة، ما ساعد الباحثين الألمان على استبعاد هاتين النظريتين وطرح نظرية ثالثة، أن النباتات تنظم نفسها للتكيف مع ظروف الجفاف.
أحوال التربة مختلفة في الموقعين، لكن الباحثين يعتقدون أن "عدم الاستقرار" المائي يدفع النباتات إلى الانتظام في أشكال متشابهة مدعومة بنظامين مختلفين لتغذية الكتلة الحيوية بالمياه.
ففي الصحراء الأوسترالية، تشكل التربة التي لا يحميها غطاء نباتي طبقة صلبة يتعذر على المياه اختراقها لتنمية نبات. لكن حيثما تترسخ الأعشاب، فإنها تبرد التربة، ويمكن أن تنشأ مستعمرات عشبية صغيرة.
أما في ناميبيا فالأرض رملية تستطيع المياه اختراقها. وحتى تحت الأراضي القاحلة، تتكون خزانات جوفية يمكن أن تتمدد مياهها إلى تجمعات عشبية قريبة.
الصورة فوق:
"دائرة جنيات" كبيرة في أوستراليا حيث التربة السطحية الصلبة تمنع نمو النباتات
الصورة تحت:
"دوائر الجنّيات" في صحراء ناميبيا