تبنى قادة دول العالم خطة طموحة تعد بعالم أفضل خلال 15 سنة في مختلف الميادين، خصوصاً مكافحة الفقر والتعليم والرعاية الصحية والبيئة، لكن كلفتها باهظة ونجاحها لا يبدو مضموناً.
في افتتاح قمة التنمية المستدامة التي جمعتهم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك من 25 إلى 27 أيلول (سبتمبر)، حدد 150 رئيس دولة وحكومة 17 هدفاً للتنمية المستدامة يُفترض تحقيقها مع نهاية سنة 2030. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على «وجوب بدء العمل على الفور»، طالباً من «الحكومات كافة أن تقر في باريس في كانون الأول (ديسمبر) المقبل اتفاقاً متيناً وشاملاً حول المناخ».
يذكر أن الهدف الأول هو «القضاء على الفقر بكل أشكاله» خصوصاً أن 836 مليون شخص ما زالوا يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم. وسيتوجب أيضاً تأمين التعليم والرعاية الصحية للجميع، وتشجيع النساء، والإدارة الرشيدة، والحد من ارتفاع حرارة جو الأرض.
وتأتي هذه الخطة بعد الأهداف الانمائية للألفية التي شملت الفترة من عام 2000 حتى 2015. وستنطبق أيضاً على البلدان المتقدمة وتتوسع إلى ميادين حساسة سياسياً مثل الحوكمة ومكافحة الفساد. ولكن على دول العالم توفير التمويل لها والتأكد من التزام الحكومات ومن أن «لا أحد سيترك مهمشاً». وسيضاف إلى هذه التحديات النمو الديموغرافي المتوقع بحلول سنة 2030 في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والنزوح إلى المدن، وشيخوخة السكان، ما يثقل الحسابات الاجتماعية.
وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سامنتا باور: «إن الحرب الأهلية في بلد نامٍ يمكن أن تعيد اقتصاد هذا البلد 30 سنة إلى الوراء».
لكن تطبيق الخطة الدولية سيكون طوعياً، إذ يبقى كل بلد حراً في تطبيق أهدافها أم لا وفي اختيار الوسائل لتطبيقها. ويعتبر الخبراء أن تمويل الخطة سيتطلب رصد ما بين 3.5 تريليون دولار و5 تريليونات سنوياً على مدى 15 سنة، أو أكثر. وذلك يتخطى على سبيل المثال الناتج المحلي الإجمالي في فرنسا أو بريطانيا أو ألمانيا.
وفي الوقت ذاته، تتراجع المساعدات الإنمائية التي تمنحها الدول الثرية لتلك الأكثر فقراً، بسبب الأزمة الاقتصادية. وفي هذا الإطار، تعوّل الأمم المتحدة على تحسين جباية الضرائب في كل بلد وعلى مكافحة الفساد.
وجاءت نتائج الخطة السابقة متفاوتة، إذ سجلت تراجعاً للفقر المدقع ووفيات الأطفال إلى النصف قياساً إلى عام 1990، وتراجعت أمراض مثل الملاريا في شكل ملحوظ، وبات الهاتف الجوال في متناول 92 في المئة من سكان الدول النامية في مقابل 10 في المئة عام 2000.
وعانت البيئة من النمو المتسارع في دول كالصين والهند، كما ازداد التفاوت خصوصاً أن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا بقيا في المواقع المتأخرة. وهناك شخص من أصل أربعة يعاني سوء التغذية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فيما يهدر 1.3 بليون طن من الأغذية كل سنة في العالم، إضافة إلى أن 75 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة.
إلى ذلك، لا تتوافر مراحيض لـ2.5 بليون من سكان الأرض، كما أن هناك 1.3 بليون ما زالوا محرومين من شبكة كهربائية حديثة.