المعايير الأوروبية الجديدة لتلوث الهواء ستكون أقل تشدداً لأن الحكومات تسمح لأسوأ الملوثين بالمشاركة في وضعها، وفق استقصاء أجرته منظمة "غرينبيس". وقد مارس ممثلو شركات الطاقة ضغوطاً قوية ومتكررة من أجل وضع قيود أضعف على الملوثات الهوائية في الاجتماعات المعقودة في بروكسل. ونتيجة لذلك، ستكون المعايير المقترحة في الاتحاد الأوروبي للانبعاثات السامة من محطات الطاقة العاملة بالفحم أقل تشدداً مما في الصين.
حللت غرينبيس خلفيات مئات المندوبين الذين عينتهم الحكومات الأوروبية ضمن وفودها الرسمية لصياغة حدود جديدة لتلوث الهواء في أوروبا. ووجدت أن 183 عضواً من أصل 352 في مجموعة العمل التقني هم موظفون لدى شركات ستطبق عليها الأنظمة الجديدة أو لدى جماعات ضغط تمثل هذه الشركات.
واتهمت غرينبيس في تقريرها الذي أصدرته أمس وفود بريطانيا وبولندا وجمهورية التشيك واليونان وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، بأنها القوة الدافعة وراء إضعاف الضوابط المقترحة. وقال لورنس كارتر الناشط البريطاني في غرينبيس: "العديد من هذه البلدان هي بين أكبر مصادر التلوث الناجم عن محطات الطاقة العاملة بالفحم في أوروبا، وهي تلحق بمواطنيها ومواطني البلدان المجاورة أضراراً صحية وتكاليف لا يستهان بها".
وتتهم غرينبيس أعضاء "مستقلين اسمياً" في الوفود الأوروبية بالترويج المتواصل لمصالح الملوثين "مستعملين غالباً بيانات منسوخة مباشرة عن ممثلي الصناعات". وقال كارتر: "مثلها مثل الثعلب الذي يحرس حظيرة الدجاج. إن وزراء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إذ يتركون الملوثين الكبار يكتبون قواعد جديدة لنوعية الهواء، هم مذنبون بتهمة الإخلال الجماعي بالواجب".
وقد تم اقتراح القواعد التوجيهية الجديدة للانبعاثات الصناعية في حزيران (يونيو) 2013، وما زال في الإمكان تعديلها باقتراح رسمي تأمل المفوضية الأوروبية أن يكون جاهزاً مع نهاية هذا الشهر. وهي تنص على تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت بنسبة 70 في المئة وأوكسيد النيتروجين بنسبة 50 في المئة والجسيمات الدقيقة بنسبة 60 في المئة، لكن ذلك سيكون أقل مما في بلدان أخرى.
وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي لصحيفة غارديان البريطانية: "التشريعات الأميركية أقوى من اقتراحنا، لذلك ربما غرينبيس على صواب. ولدى الصين خطط طموحة، لكن تحقيقها أمر آخر".
وتنص القواعد الجديدة على اعتماد "أفضل التقنيات المتاحة" للحد من الانبعاثات، لكنها تسمح بتنفيذ القواعد بطريقة "مجدية اقتصادياً وموثوقة تقنياً". وتدعي المجموعات الصناعية أن محطات الطاقة العشرين الكبرى خسرت نحو 500 بليون يورو منذ العام 2008 بسبب أهداف الطاقة النظيفة في الاتحاد الأوروبي.
يذكر أن وكالة البيئة الأوروبية حذرت هذا الأسبوع من أن تلوث الهواء سوف يتسبب في موت مئات آلاف الأشخاص قبل الأوان في أوروبا خلال العقدين المقبلين بسبب عدم تحرك الحكومات لمواجهة هذا الأمر.