وجدت دراسة جديدة أن النفايات الناتجة عن صناعة الملابس العالمية تتسبب في تسرُّب ملايين الأطنان من البلاستيك إلى البيئة كل عام، وهو مصدر تلوُّث تم تجاهله وقد يزداد سوءاً بمرور الوقت.
ووفقاً للنتائج التي توصّل إليها فريق من الباحثين في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، فإن استهلاك الملابس العالمي أدى إلى أكثر من 20 مليون طن من النفايات البلاستيكية في عام 2019. وربما تمّت إدارة نحو 40 في المئة من هذه النفايات بشكل غير صحيح وأصبحت تلوُّثاً بيئياً، في عملية معروفة بإسم "تسرُّب البلاستيك".
وتمّ تقسيم نفايات النسيج بين مصدرين: الملابس المصنوعة من مواد صناعية، مثل البوليستر والنايلون والأكريليك، والملابس المصنوعة من القطن والألياف الطبيعية الأخرى.
ونظر الباحثون في النفايات البلاستيكية المتولّدة عبر "سلسلة القيمة" لمنتج الملابس، والتي تشير إلى دورة حياة المنتج بأكملها، بما في ذلك، على سبيل المثال، ليس فقط قطعة الملابس نفسها، ولكن المواد البلاستيكية المستخدمة لتغليفها.
وقال ريتشارد فينديتي، أستاذ علوم الورق والهندسة في ولاية نورث كارولاينا والمؤلف المشارك للدراسة: "لقد قمنا بتحليل البيانات المتعلقة بالواردات والصادرات وإنتاج الملابس في البلدان في جميع أنحاء العالم. ثم قمنا بمقارنة ذلك بالمعلومات العالمية الموجودة حول المراحل المختلفة لسلسلة قيمة الملابس لتقدير مقدار تسرُّب البلاستيك إلى البيئة في كل نقطة من تلك النقاط".
وأضاف: "إن الكثير من النفايات البلاستيكية التي تتسرّب إلى البيئة تأتي من الملابس التي يتم التخلُّص منها، وخاصة الملابس الاصطناعية. وهناك أيضاً نفايات ناتجة عن التصنيع والتعبئة، وحتى من تآكل الإطارات أثناء النقل، بالإضافة إلى المواد البلاستيكية الدقيقة التي يتم سحبها إلى الماء عندما نغسل ملابسنا".
ووجد الباحثون أن الملابس الاصطناعية (من مواد صناعية) كانت إلى حدٍ بعيد أكبر مصدر للنفايات البلاستيكية. وشكّلت سلسلة القيمة الاصطناعية 18 مليون طن من النفايات في عام 2019، ما يشكّل 89 في المئة من جميع النفايات البلاستيكية الناتجة عن صناعة الملابس العالمية في ذلك العام. وقدّر الباحثون أن نحو 8.3 مليون طن من ذلك قد تسرّبت إلى البيئة.
وفي الوقت نفسه، شكّلت الملابس القطنية 1.9 مليون طن من النفايات البلاستيكية، منها 0.31 مليون طن تأتي من ألياف أخرى غير المنسوجات الاصطناعية أو القطن.
وعلى عكس النفايات البلاستيكية التي انتهى عمرها الافتراضي، والتي تنتج عن الملابس الاصطناعية المهملة، جاءت النفايات البلاستيكية من القطن والألياف الأخرى بالكامل تقريباً من البلاستيك المستخدم في التعبئة والتغليف.
ووجد الباحثون أن مكان بيع الملابس ليس بالضرورة المكان الذي تتسرّب فيه النفايات البلاستيكية إلى البيئة.
وبالنسبة للملابس التي تم بيعها في الأصل في البلدان ذات الدخل المرتفع، مثل الولايات المتحدة واليابان والعديد من البلدان الأخرى، حدث معظم التلوُّث الناتج في البلدان ذات الدخل المنخفض حيث يمكن بيع هذه القطع من الملابس في السوق الثانوية.
وتشير هذه النتيجة إلى قلق كبير بشأن كيفية استهلاك الناس في البلدان ذات الدخل المرتفع للملابس.
وقال فينديتي: "ما نشهده هو أنه في دول مثل الولايات المتحدة، لدينا ثقافة "الموضة السريعة" حيث نشتري الكثير من الملابس ولا نحتفظ بها لفترة طويلة. عندما نتخلّص من تلك الملابس، فإنها إما تذهب إلى مكبّات النفايات، أو في كثير من الأحيان، ينتهي بها الأمر في متاجر التوفير. ويتم بيع بعض الملابس التي تذهب إلى هذه المتاجر في الولايات المتحدة، ولكن غالباً ما ينتهي بها الأمر بالذهاب إلى بلدان أخرى ليس لديها أنظمة لإدارة النفايات قوية بما يكفي للتعامل مع هذا النوع من الحجم. وهذا هو المكان الذي ينتهي فيه الأمر بكمية كبيرة من البلاستيك المتسرّب إلى البيئة".
وتخلص الدراسة إلى ضرورة إجراء تغييرات كبيرة في قطاع الملابس بحيث يتم إعادة تدوير المواد ولا تصبح نفايات. كما توصي الدراسة بزيادة استخدام المنسوجات المتجددة وغير الاصطناعية. (عن "Earth.com")