التحقيق الذي نشرته جريدة "النهار" على صفحتها الأولى يوم الخميس 2015/12/31 تحت عنوان "فضيحة النفايات: شركة للتصدير عنوانها منزل في قرية هولندية وفرعها الألماني يبيع المطابخ"، أثار الكثير من ردود الفعل.
وقد رد وزير الزراعة أكرم شهيب، المكلف بملف النفايات، على هذا التحقيق. وجاء في المقال الرئيسي لـ"النهار" اليوم على صفحتها الأولى تحت عنوان "شهيب لـلنهار: كتمنا معلومات لإتمام العقود":
"ملف النفايات الذي نشرته "النهار" الخميس الماضي أثار الكثير من التساؤلات والردود، واولها من رئيس الوزراء الذي اتصل من الخارج حيث كان يمضي اجازة رأس السنة، بالوزير اكرم شهيب طالبا توضيحات له وللرأي العام.
وفي شأن المعلومات التي أوردتها "النهار" عن البلد الذي ستصدر اليه النفايات، ومسؤولية الدولة اللبنانية تجاهها، وعدم وجود أي معلومات عن الشركة الهولندية عبر موقعها على الانترنت، أكد الوزير شهيب بعضها في رده المسهب، وأوضح نقاطاً أخرى وخصوصاً لجهة التكلفة. وأكد ان الدول المستوردة لنفايات لبنان معروفة لديه لكنها لم تعلن، وكذلك اسماء الشركات "لم تذكر كي لا يتكرر ما جرى إزاء الخطة الأساسية للإدارة المتكاملة للنفايات وخصوصاً في موضوع المطامر"، وان المناقصة لم تحصل لانها تتطلب وقتاً طويلاً والأزمة مستفحلة.
لكن اللافت في بيان شهيب قوله إن للشركات ان توضح المعلومات التي تخصها "في الرد الذي ارسلته الى النهار"، علماً ان أي توضيح من الشركتين لم يكن قد وصل، بما يعني ان اتفاقا مع الشركات حصل على الرد.
وقد اتصل بـ"النهار" السيد ناصر حكيم قائلاً إن الحكومة التي كان وزيراً فيها سقطت بعدما خسرت الاكثرية النيابية وليس بسبب تحقيقات مالية. وأكد انه حضر مع الشركة الهولندية لا كوسيط أو شريك، بل كمسهل لعملية التفاوض لأن الهولنديين لا يتكلمون العربية، ومعظم المفاوضين اللبنانيين لا يتكلمون الا العربية (على حد قوله). وأضاف انه يقدم مساعدة للبنان لحل مشكلة النفايات. وعن الشركة الهولندية قال ان هولندا كلها قرى صغيرة، والشركات تقوم فيها (على حد قوله أيضاً). وقال ان الشركة الهولندية المعنية خبيرة في هذا المجال، وهي سترسل رداً الى "النهار".
و"النهار" التي تابعت الملف تنشر تفاصيل وروابط الكترونية تؤكد ما كانت نشرته سابقا"ً.
واللافت أن البيان الذي وزعه مكتب الوزير شهيب يوم الخميس 31 كانون الأول ونشر في موقع "النهار" وغيرها من الصحف والوكالات والتلفزيونات والإذاعات، جاء فيه أن "جميع المعلومات التي ساقتها جريدة النهار غير صحيحة".
أما نص الرد الذي أرسله مكتب الوزير إلى النهار بعد ثلاثة أيام ونشر اليوم فجاء بصيغة مختلفة، كما يلي: "الكثير من المعلومات والأرقام التي أوردتها النهار غير دقيقة". وقد أضاف أن "حل تصدير النفايات لم يكن مؤامرة حيكت في ليل وهُرِّبت تهريباً"، وأن المناقصات لم تحصل لأنها تحتاج إلى أشهر، وقد تم التحفظ عن أسماء الشركات ووجهة التصدير حتى إتمام العقود.
وقد ردت "النهار" على رد الوزير شهيب، اليوم أيضاً، بمعلومات إضافية تؤكد ما جاء في مقالها حول الكلفة الباهظة لترحيل النفايات وحول خلفيات الشركة الهولندية والشركة البريطانية اللتين رسا عليهما قرار الترحيل.
هنا رد النهار:
قال الوزير أكرم شهيب في بيانه: "إن المعلومات والأرقام التي ساقتها جريدة "النهار" غير صحيحة، وحل تصدير النفايات لم يكن مؤامرة حيكت في ليل وهُرِّبت تهريبا(...)" لقد ورد في المقال رقمان فقط عن النفايات. الأول هو أن قيمة العقد تبلغ مئات ملايين الدولارات، وهذا يستند إلى ما تم الإعلان عنه رسمياً، بحسبة بسيطة إن ضرب مليون طن من النفايات خلال 18 شهراً هي مدة العقد بالسعر المعلن لتصدير الطن الواحد يقع في خانة مئات الملايين، وذلك من دون حساب أي تكاليف أخرى. أما الرقم الثاني الذي ورد في المقال وهو أن كلفة طن النفايات باعتماد خيار التصدير "قد تتجاوز 250 دولاراً" فهو رقم متفائل نسبة إلى ما أعلنه الوزير إلياس بو صعب الذي صرّح أن الكلفة قد تتجاوز 300 دولار للطن، وقد صرّح الوزير ألان حكيم في تحقيق نشر في "النهار" أن قرار الموافقة على تصدير النفايات قد تم تهريبه في مجلس الوزراء تحت ضغط التهديد باستمرار تراكم النفايات. فالأرقام المتصلة بالنفايات والكلام عن تهريب القرار تستند إلى ما صرّح به أعضاء في مجلس الوزراء نفسه. أما الأرقام الأخرى في التقرير فقد وردت فقط في عناوين الشركة الهولندية، وهي طبق الأصل عما هو محدد في الموقع الإلكتروني الرسمي للشركة. وفي مجال الأرقام أيضاً، أورد المقال، في إطار التحذير من تجارب سيئة في التحكيم، أن شركة الطيران الخاصة "إمبريـال جت" تطالب بمبلغ مليار دولار، وشركتي الخليوي حصلتا على مئات الملايين في قضايا تحكيم دولي ضد الحكومة اللبنانية. وهذه أرقام معروفة ومنشورة وموثقة.
مصادر المعلومات
إن مصادر المعلومات هي المواقع الإلكترونية الرسمية للشركات المعنية، ووثائق ومعلومات السجلات التجارية التي توفرها الغرف التجارية في هولندا والمملكة المتحدة، وهي متاحة في معظمها عبر الإنترنت بموجب حق الوصول إلى المعلومات في الدول الأوروبية. إن "بيت الشركات" في المملكة المتحدة، مثلا، يتيح الوصول إلى الوثائق العامة للشركات بما فيها التقارير المالية السنوية والتغييرات في الإدارة والملكية عبر الإنترنت.
الشركة الهولندية
إن الصفحات الخالية من المعلومات والتي هي "قيد الإعداد" تشكل معظم صفحات الموقع الإلكتروني الرسمي للشركة وذلك بلغاته الثلاث
http://www.howa-international.com ويمكن لأي كان التحقق منها، وهذا نموذج لإحداها:
صورة 1
إن عنواني الشركة في هولندا وألمانيا، اللذين تمت زيارتهما للتحقق، مأخوذان من موقعها الرسمي على الإنترنت وفق ما هو محدد في الصفحة التي تضم عناوين الاتصال، وفي ما يلي لقطة لهذه الصفحة:
صورة 2
لقد تم التحقق من أن العنوان الهولندي يقع في منزل ريفي ضمن شارع سكني أما العنوان الألماني فتشغله شركة للمطابخ.
فهل هناك من مصدر أدق لعنوان شركة من موقعها الإلكتروني الرسمي على الإنترنت؟ وهل هناك وثائق أكثر صدقية مما يتضمنه سجلها التجاري الرسمي؟
إن عنوان المنزل نفسه يستضيف أسماء شركات متعددة جميعها تخص السيد بول هوس، وهي كما يأتي:
1. HOWA B.V. رقم سجلها التجاري 14065587 مسجلة في 19 نيسان 2000
2. HosFuels BV رقم سجلها التجاري 58769870 مسجلة في 16 أيلول 2013
3. Hofra Holding BV رقم سجلها التجاري 12066968 مسجلة في 7 حزيران 2007
4. Howa Holding BV رقم سجلها التجاري 13021659.
إن عدد الموظفين وفق وثائق التسجيل يراوح بين واحد وثلاثة أشخاص فقط. أما موقع الشركة الإلكتروني الرسمي فلا يذكر أسماء مديرين ولا شركاء ولا موظفين عدا "بول هوس". كما أن عنوان البريد الإلكتروني الوحيد لهذه "الشركات" كلها هو باسم السيد بول هوس، وكذلك رقم الهاتف المشترك تحت العنوانين الهولندي والألماني يعود أيضاً الى السيد بول هوس شخصياً وفق سجلات الهاتف الهولندي، وهذا يشير بوضوح إلى أن الشركة محصورة بشخص واحد.
الأمر الأكثر أهمية هو أن الموقع الرسمي للشركة لا يورد ذكر أي مشروع محدد في مجال النفايات قامت الشركة بتنفيذه، وكذلك لا معلومات ذات قيمة عن مشاريع نفذتها الشركة. فإذا كانت الشركة ذات خبرة في هذا المجال، أليس من الأولى بها أن تعلن عما نفذته من مشاريع عبر موقعها الإلكتروني الرسمي كما تفعل الشركات الأخرى؟ أم أن هناك أسبابا أخرى للتكتم؟
عبد الناصر حكيم
لسنا في مجال محاكمة أي كان في قضايا لا علاقة مباشرة لها بموضوع النفايات. لكن من المعروف، وليس سراً أن السيد حكيم ومجموعة وزراء قد واجهوا تحقيقات في كوراساو قبل سنوات، أدت إلى سقوط الحكومة، وأنه هو شخصياً وشركاته يواجهون مصاعب وفق تقارير إخبارية نشرتها العديد من الصحف، ومنها التقرير الذي أوردته جريدة "كوراساو كرونيكل" في تاريخ 23 كانون الأول 2015، وهذا رابط التقرير للاطلاع على طبيعة هذه المشاكل