أعلنت هيئة البيئة-أبوظبي أن سفينة "جيّون"، التي أطلقتها في كانون الثاني (يناير) 2023، والتي تُعتبر الأكثر تطوراً في المنطقة في مجال الأبحاث البحرية، قد حققت إنجازاً هاماً بعد أن أكملت بنجاح المرحلة الأولى من مسح تقييم الموارد السمكية في مياه الإمارات، وأول مسح صوتي شامل على الإطلاق للموارد السمكية. وقد أُجريت هذه الدراسة الرائدة، التي استمرت لمدة أسبوعين، في الخليج العربي وبحر عُمان، واستخدمت أحدث التقنيات لفحص النظم البيئية تحت الماء، وتقييم أعداد للأحياء البحرية وتوزيعها.
وشمل المسح الصوتي استخدام الموجات الصوتية لتقدير وفرة وتوزيع مجموعات الأسماك في البحر. فمن خلال تحليل البيانات، ستتمكن الهيئة من تحديد حجم وكثافة وموقع مجموعات الأسماك، مما يساعد في تقييم صحة وحالة المخزون السمكي في المنطقة ويساهم في تعزيز جهود الهيئة في الإدارة المستدامة لمصايد الأسماك.
انطلقت السفينة، التي يعمل على متنها فريق من الباحثين والعلماء من هيئة البيئة -أبوظبي بالتعاون مع عدد من الخبراء الدوليين، في رحلة بحرية استغرقت 108 أيام لإجراء المسح، حيث شملت 324 موقعاً في مياه الإمارات، وجمعت بيانات قيّمة سيتم استخدامها لتقييم الموارد البحرية للدولة والمحافظة عليها. وفي إطار هذا المشروع، تم تدريب تسعة مواطنين إماراتيين لمدة 3,510 ساعة. وخلال هذه الرحلة الاستكشافية، جمع الخبراء 1,500 عيّنة من الأسماك، مما ساهم في تعزيز معرفتهم ورؤيتهم بشأن أنواع الأسماك المنتشرة في المنطقة وموائلها.
كما انتهى فريق البحث، بالتعاون مع شركتي "جي 42" و"أوشن إكس"، من وضع أول خط أساس للحمض النووي البيئي، وتسلسل الجينوم الكامل لأنواع الأسماك في المياه البحرية في الإمارات، وهذا النهج يوفّر فهماً أعمق للتنوُّع الجيني، مما يسمح بتطوير استراتيجيات أكثر فعالية لحماية وإدارة الأنواع في المستقبل.
يبلغ طول السفينة "جيّون" 50 متراً، وهي تستخدم تقنيات خضراء للمحافظة على البيئة البحرية والمصايد السمكية، كما تساهم في إجراء أبحاث متخصصة في الخليج العربي، الذي يعتبر أكثر البحار سخونة في العالم وبمثابة مختبر طبيعي لآثار التغيُّر المناخي، وذلك في إطار مبادرات الإمارات القائمة على العلم والابتكار.
تحتوي السفينة على أحدث المعدات العلمية المتطورة التي تشمل: مركبة تعمل عن بعد، معدات الصيد بشباك الجر، وأجهزة لرسم خرائط قاع البحر وأجهزة الموجات الصوتية، وأجهزة لقياس معايير المياه البحرية ودرجة حرارتها وعمقها، بالإضافة إلى مرافق للغطس. كما تضم السفينة أيضاً ستة مختبرات: مختبر المصايد السمكية، ومختبر صوتي، ومختبر التحليل الكيميائي، ومختبر الفيزياء الحيوية، ومختبر العيّنات، ومختبر جودة الهواء.
تتميز السفينة أيضاً بالكفاءة العالية في استهلاك الوقود والأداء الهيدروديناميكي، حيث تستهلك "جيوَن" وقوداً وطاقة أقل من السفن الأخرى ذات الحجم المماثل. كما ينبعث عنها كمية أقل من ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يدعم أهداف الإمارات في معالجة تغيُّر المناخ.
وتخطط الهيئة لتنفيذ عدة مبادرات بحثية في المستقبل تشمل تقييم الكربون الأزرق في مصايد الأسماك المحيطية، وبحوث تغيُّر المناخ، ورسم الخرائط والمسوحات لموائل المياه العميقة (المرجان والأعشاب البحرية)، وإجراء مسوحات الحيوانات الضخمة في المياه العميقة - بما في ذلك الحيتانيات، وأبقار البحر، والسلاحف، وأسماك قرش الحوت، وكذلك مسوحات الأنواع البحرية الغازية (الدخيلة)، بالإضافة إلى مراقبة جودة المياه البحرية، وجودة الهواء، والمواد البلاستيكية، فضلاً عن التراث المغمور في الأعماق، والذي يشمل حطام السفن وأحواض الغوص بحثاً عن اللؤلؤ.
بالإضافة إلى ذلك، ستدعم سفينة "جيّون" هدف الإمارات في مجال الحياد المناخي بحلول عام 2050 من خلال إجراء أبحاث حول الكربون الأزرق المحيطي، وهي مبادرة مهمة عالمياً. ويشمل الكربون الأزرق المحيطي الكربون المخزّن في أنواع الحياة البحرية المختلفة، من القشريات إلى الأسماك والسلاحف والثدييات البحرية، وهو ما يساهم في تعزيز المعرفة بشأن مساهمة الفقاريات البحرية في تخزين الكربون، والتعرُّف على دورها المحتمل في التخفيف من آثار تغيُّر المناخ.