اكتشف علماء البيئة الأوروبيون في عيّنات ثلج وجليد القارة القطبية الجنوبية والتيبت، ارتفاع تركيز المركّبات العضوية المشبعة بالفلور السامّة.
ويشير المكتب الإعلامي لمعهد سياسة العلوم الخضراء (GSPI)، إلى أن هذا يدل على تلوث الغلاف المائي في العالم بهذه المواد.
ويقول البروفيسور مارتن شيرينغر من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زوريخ، "إن الثبات العالي لهذه المواد واستمرار انتشارها في جميع أنحاء العالم سيؤدي إلى ارتفاع تركيزها إلى أعلى من الحدّ المسموح به. وقد بلغ تركيزها فعلاً أعلى من الحدود العليا المسموح بها في البيئة".
وما يسمّى بالمركبات العضوية المشبعة بالفلور (PFAS) عبارة عن جزيئات عضوية معقدة تحتوي على عدد كبير من ذرات الفلور في سلاسلها. وتستخدم هذه المواد على نطاق واسع في إنتاج التفلون، والمواد المستخدمة في التبريد، وكذلك البوليمرات التي تحتوي على الفلور والأصباغ وغير ذلك من المواد المختلفة.
وقد اكتشف علماء البيئة في نهاية القرن الماضي أن الاستخدام الواسع النطاق للـ PFAS في الصناعات الكيميائية، أدى إلى التراكم السريع لجزيئات هذه المركّبات في النظم البيئية الطبيعية وفي أجسام عدد كبير من الناس. وتُظهر الدراسات الحديثة أن الجزيئات العضوية المشبعة بالفلور تعطل عمل الغدة الدرقية ومنظومة المناعة والعديد من أعضاء الجسم.
ويراقب البروفيسور شيرينغر وزملاؤه خلال سنوات عديدة كيف تنتشر هذه المواد في جميع أنحاء العالم، وكيف يتغيّر تركيزها النموذجي نحو الأعلى باتجاه الحدود المسموح بها للـ PFAS في المسطحات المائية والتربة والبيئات الطبيعية الأخرى.
واستناداً إلى هذه المعلومات، قاس علماء البيئة السويسريون وزملاؤهم من السويد نسب الـ PFAS في عيّنات الثلج والماء من المناطق النائية من الأرض، كما قاموا بتحليل نتائج الملاحظات السابقة، مع الأخذ بالاعتبار الأفكار المتغيّرة حول الحد الأقصى المسموح به لتركيز هذه المواد. وقد استخدم العلماء النتائج التي حصلوا عليها في حساب الحد الأقصى لتركيز PFAS الذي يمكن أن يدخل الطبيعة دون إلحاق ضرر كبير بالبشر.
والمثير في الأمر أن نتائج الحسابات والقياسات التي أجراها البروفيسور شيرينغر وزملاؤه، أظهرت أن هذه الحدود قد تجاوزتها البشرية بالفعل منذ عدة سنوات أو حتى عقود. كما اكتشف العلماء أيضاً ارتفاع تركيز أنواع معينة من الـ PFAS في عيّنات الثلج والجليد والمياه من مرتفعات التيبت و أنتاركتيكا. و يشير وجود هذه المركّبات في مناطق الأرض النائية، إلى وجود دورة عالمية لمركّبات الـ PFAS. (عن "TASS")