50 بليون طن هي كمية تكفي لبناء جدار يبلغ عرضه 27 متراً وارتفاعه 27 متراً حول كوكب الأرض. هذا هو حجم الرمل والحصى المستخدم كل عام، مما يجعله ثاني أكثر الموارد استخداماً على مستوى العالم بعد المياه. ونظراً لاعتمادنا عليها، يجب الاعتراف بالرمال كمورد استراتيجي ويجب إعادة التفكير في طرق استخراجها واستخدامها، وفقاً لتقرير جديد صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب).
يمكن أن يؤدي استخراج الرمال حيث يلعب دوراً نشطاً، مثل الأنهار والنظم الإيكولوجية الساحلية أو البحرية، إلى تآكل طبقات المياه الجوفية وتملّحها، وفقدان الحماية من هبوب العواصف والتأثيرات على التنوع البيولوجي، والتي تشكل تهديداً لسبل العيش من خلال، من بين أمور أخرى، أو إمدادات المياه أو إنتاج الغذاء أو صيد الأسماك أو قطاع السياحة.
ووفقاً لمؤلفي التقرير، يجب الاعتراف بالرمال كمورد استراتيجي، ليس كمواد للبناء فحسب، ولكن أيضاً لأدوارها المتعددة في البيئة. ويشدد مؤلفو التقرير على أنه يجب على الحكومات والقطاعات الصناعية والمستهلكين تسعير الرمال بطريقة تعترف بقيمتها الاجتماعية والبيئية الحقيقية. على سبيل المثال، قد يكون الاحتفاظ بالرمال على السواحل هو الاستراتيجية الأكثر فعالية من حيث التكلفة للتكيُّف مع تغيُّر المناخ نظراً لكيفية ما توفره من الحماية من هبوب العواصف والآثار المترتبة على ارتفاع مستوى سطح البحر - ينبغي أخذ هذه الخدمات في الاعتبار في قيمتها.
يقترح التقرير ضرورة تطوير معيار دولي حول كيفية استخراج الرمال من البيئة البحرية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسينات كبيرة حيث يتم إجراء معظم عمليات التجريف البحري من خلال المناقصات العامة المفتوحة للشركات الدولية. وفي الوقت نفسه، يوصي التقرير بحظر استخراج الرمال من الشواطئ نظراً لأهميتها في صمود السواحل والبيئة والاقتصاد أمام هبوب الرياح والعواصف.
وقال باسكال بيدوتسي، مدير قاعدة بيانات الموارد العالمية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، ومنسق البرنامج العام لهذا التقرير ’’لتحقيق التنمية المستدامة، نحتاج إلى تغيير جذري في الطرق التي ننتج بها ونبني ونستهلك المنتجات والبنى التحتية والخدمات. مواردنا الرملية تعد موارد محدودة، ونحن بحاجة لاستخدامها بحكمة. وإذا تمكنا من السيطرة على كيفية إدارة أكثر المواد الصلبة المستخرجة في العالم، فيمكننا تجنب حدوث أزمات والانتقال إلى اقتصاد دائري‘‘.
البنية التحتية والمنازل والأغذية والطبيعة مهددة بالضياع
تعتبر الرمال ضرورية للتنمية الاقتصادية، فهي ضرورية لإنتاج الخرسانة وبناء البنية التحتية الحيوية بدءاً بالمنازل والطرق وصولاً إلى المستشفيات. من خلال توفير الموائل ومناطق التكاثر للنباتات والحيوانات المتنوعة، تلعب الرمال أيضاً وظيفة حيوية في دعم التنوع البيولوجي، بما في ذلك النباتات البحرية التي تعمل كأحواض للكربون أو ترشيح المياه. وسيكون المورد ضرورياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومعالجة أزمات الكوكب الثلاث المتمثلة في تغيُّر المناخ والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي. ومع ذلك، يتم استخدام الرمال بشكل أسرع مما يمكن تجديده بشكل طبيعي، لذا فإن إدارتها المسؤولة أمر بالغ الأهمية.
الاقتصاد الدائري في متناول اليد
لاحظ مؤلفو التقرير أن الحلول قائمة للانتقال إلى اقتصاد دائري للرمال، بما في ذلك حظر دفن النفايات المعدنية وتشجيع إعادة استخدام الرمال في عقود المشتريات العامة من بين تدابير السياسات المذكورة. ويسرد التقرير بالتفصيل أن الصخور المسحوقة أو مواد البناء والهدم المعاد تدويرها، وكذلك ’’الرمل الخام‘‘ الناجم عن مخلفات المناجم، هي من بين البدائل القابلة للتطبيق للرمال التي يجب تحفيزها أيضاً.
ويضيف مؤلفو التقرير أن هناك حاجة إلى هياكل مؤسسية وقانونية جديدة لإدارة الرمال بشكل أكثر فعالية وتبادل أفضل الممارسات وتنفيذها. علاوة على ذلك، يوصي التقرير بأنه يجب تحديد موارد الرمال ومراقبتها والإبلاغ عنها. وفي الوقت نفسه، يجب أن يشارك جميع أصحاب المصلحة في القرارات المتعلقة بإدارة الرمال للسماح بالمناهج القائمة على المكان وتجنب الحلول التي تناسب جميع الحالات، حسبما أكد التقرير.
يتبع التقرير قرارًا بشأن إدارة الموارد المعدنية تم اعتماده في الدورة الرابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، والتي دعت إلى اتخاذ إجراءات بشأن الإدارة المستدامة للرمال. تم تأكيد هذا التفويض في الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة في عام 2022 في القرار الجديد بعنوان الجوانب البيئية لإدارة المعادن والفلزات، الذي اعتمدته جميع الدول الأعضاء.