تتوفر حالياً لمربي نبات الكينوا المعلومات الجينية للمحصول والتي ستساعدهم على تطوير أصناف الكينوا عالية الإنتاجية ومبكرة النضج وخالية من مرارة الطعم في وقت قياسي.
في دراسة صدرت في مجلة Scientific Reports، حدّد خبراء من المركز الدولي للزراعة الملحية إكبا أجزاءً محددةً من الحمض النووي المرتبطة بسمات مختلفة، مثل أيام الازهار، ووزن البذور ومحتوى السابونين. ومن خلال وضع علامات على هذه الأجزاء الجينية، يستطيع مربّو الكينوا تسريع برامجهم وإنتاج أصناف معينة من الكينوا حسب السّمات المطلوبة.
تحظى الكينوا باهتمام عالمي بسبب قدرتها على التكيُّف مع البيئات الهامشية وخصائصها الغذائية الاستثنائية. ولطالما أدرك إكبا أهمية الكينوا في النظم الزراعية، حيث تتحمل المياه المالحة التي تصل ملوحتها إلى ثلث ملوحة مياه البحر.
ومن أجل أن تكون الكينوا مجدية اقتصادياً على نطاق عالمي، ولمساعدة المزارعين على زراعتها، يتعيّن على مربي الكينوا تطوير أصناف تمتاز بالصفات المرغوبة. ويشمل ذلك اختصار الوقت بين الزراعة والحصاد، وتقليل مرارة الطعم، وتحسين كفاءة استخدام المياه.
إن التوسُّع في تربية الكينوا يعدّ أمراً صعباً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً، ويعود جزءٌ من ذلك إلى الحجم الصغير للأزهار وطرق تكاثرها المعقدة. وقد سعى خبراء إكبا لإضافة المزيد من الأدوات إلى حزمة أدوات المربين ليتمكنوا بشكل ملحوظ من تقليل الوقت والتعقيد اللازمين لتربية الأصناف المحسنة.
ولإجراء هذه الدراسة، تعيّن على الباحثين الوصول إلى الأصول الوراثية المتنوعة للكينوا. فقد اختاروا 201 سلالة من بين 1000 سلالة محفوظة في بنك الجينات التابع لإكبا، وزرعوا هذه البذور ثم قاموا بتسجيل الخصائص التي يمكن ملاحظتها لكل نبتة في الحقل، مثل أيام الازهار بنسبة 50 في المئة وارتفاع النبات ومحتوى السابونين وإنتاجية البذور. كما حدّدوا التركيب الجيني لكل سلالة من خلال فحص تسلسل الحمض النووي الخاص بها. وقد مكّنت هذه العملية، أو التنميط الجيني، العلماء من تحديد الاختلافات الجينية، مثل تعدّد أشكال النيوكليوتيد الفردي الذي أتاح للعلماء تحديد ارتباطات السمات المميزة وهي خصائص وراثية مرتبطة بسمات محدّدة أو خصائص يمكن ملاحظتها.
ومن بين السمات التي تهم مربي الكينوا محتوى السابونين، وهو عبارة عن مركب كيميائي يعطي الكينوا طعماً مراً غير مرغوب فيه. وتمكّن العلماء من التأكد من أن ارتباط السمة المميزة لمحتوى السابونين يكمن في عدة كروموسومات وبشكل ثابت الكروموسوم B5. هذه المعلومات ستمكّن المربين من تطوير أصناف منخفضة السابونين من الكينوا، وهي الميزة التي يرغب بها المزارعون.
ثم حدّد الخبراء المناطق الجينية للكينوا. وتتراوح هذه المناطق في الحجم من عدد قليل من أزواج قواعد الحمض النووي إلى ملايين الأزواج الأساسية. وقد تحتوي على جينات أو عناصر تنظيمية أو تسلسلات الحمض النووي غير المشفرة أو عناصر وظيفية أخرى تلعب دوراً في بيولوجيا الكينوا. فعلى سبيل المثال، حدّد الخبراء منطقة جينية تعرف باسم " qTGW1B.1" وتحتوي على 14 جيناً تنظّم وزن الألف حبة. كما تم تحديد منطقة جينية أخرى تنظّم طول العنقود.
مع تحديد المناطق الجينية، يمكن للخبراء بعد ذلك تحديد الجينات المرشحة التي تتطلب المزيد من البحث والتحقق لتأكيد دورها في العملية البيولوجية أو الحالة محل الاهتمام.
ستساعد هذه الدراسة الاستثنائية مربي الكينوا على تطوير الأصناف المفضلة والتي سيعتمدها المزارعون على نطاق أوسع وتوفر لهم دخل أعلى. وبذلك سيتمكن المزارعون من الحصول مجاناً على أصناف الكينوا المحسَّنة التي تتسم بالإنتاجية المرتفعة وسرعة النضج وطعم أقل مرارة، بدلاً من الاعتماد على أصناف القطاع الخاص التي توصف غالباً بالتكيُّف غير الجيد مع المناطق الحارة نسبياً.