قال تقرير دولي إنه وسط المساعي العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية والوصول إلى الحياد الكربوني في نهاية المطاف، بات التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة يقع ضمن أولويات الدول المنتجة للوقود الأحفوري، على رأسها السعودية.
وقالت جين ناكانو، وهي زميلة في برنامج أمن الطاقة وتغيُّر المناخ في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن السعودية تسعى إلى أن تصبح مُورّداً عالمياً للهيدروجين، وتستخدم بشكل أساسي الهيدروكربونات إلى جانب التقاط وتخزين انبعاثات الكربون، كوسيلة رئيسية لتنويع صورتها التصديرية بعيداً عن النفط الخام في عالم يزداد تقييداً للكربون.
وتضيف في تقرير نشره المركز أن الموارد الهيدروكربونية الهائلة التي تحظى بها السعودية والقدرات الصناعية الحالية والخبرة التجارية، تجعلها مورداً جذاباً للدول التي تعتمد على استيراد الطاقة التي بدأت في استكشاف واردات الهيدروجين.
ويمكن لثروة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أن تحول «الرياض» إلى مورد رئيسي للهيدروجين القائم على مصادر الطاقة المتجددة على المدى الطويل، إذا قامت البلاد بتسريع بناء قدرات الطاقة المتجددة.
وفي حين أن الهيدروجين ينم على الأرجح عن قوة السعودية كدولة موردة لطاقة، فإن تطوير سوق مركبات تعمل بخلايا الوقود، والأهم من ذلك، القدرة على تصنيع المركبات التي تستخدم خلايا وقود الهيدروجين في الداخل يمكن أن يساعد البلاد على الوفاء ببعض الالتزامات الرئيسية لرؤية 2030، مثل تطوير قطاعات صناعية جديدة وتنويع صادراتها.
ويأتي اهتمام السعودية بالهيدروجين مدفوعاً بشكل أساسي برغبتها في ضمان الأمن الاقتصادي. ويمكن للهيدروجين أن يساعد أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم على الوفاء بكثير من الالتزامات الرئيسية لرؤية عام 2030، مثل تنويع صادراتها، والاستفادة من سلاسل التوريد في القطاعات القائمة لزيادة المحتويات المحلية، وتطوير قطاعات صناعية جديدة.
وفي الواقع، تريد الرياض أن تصبح المورد الأول للهيدروجين في العالم، وتستكشف سبلاً لتحقيق ذلك، ولديها أهداف إنتاج الهيدروجين النظيف بمقدار 2.9 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030 و4 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2035، وينصبّ التركيز الحالي على الحصول على حصة سوقية كبيرة في الهيدروجين الأزرق، لا سيما في شكل الأمونيا الزرقاء - أي الأمونيا المنتَجة من مزيج من تخليق الأمونيا باستخدام الهيدروكربون - في العقد المقبل.
واتخذت السعودية خطوة كبيرة، في أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما شحنت شركة النفط الحكومية (أرامكو) 40 طناً من الأمونيا الزرقاء من السعودية إلى اليابان. وكان هذا أول دليل في العالم على سلاسل إمدادات الأمونيا الزرقاء، وتوفير مستلزمات إنتاج الأمونيا الزرقاء ونقلها البحري الدولي.
وأكد هذا المشروع من جديد وجهة نظر «أرامكو» بأن الحلول التكنولوجية القائمة (أي استخراج الغاز الطبيعي ومعالجته وتحويله إلى هيدروجين وأمونيا) يمكن أن تساعد في توفير حلول منخفضة الانبعاثات وفعالة من حيث التكلفة وقابلة للتطوير. كما تعمل السعودية أيضاً مع كوريا الجنوبية في هذا المجال.
وتقول ناكانو إن الهيدروجين القائم على مصادر الطاقة المتجددة هو محور رئيسي للتجارب التكنولوجية والاقتصادية في مدينة «نيوم» المستقبلية. وتضم نيوم مشروعا للهيدروجين الأخضر بقيمة 5 بلايين دولار وهو مشروع مشترك بين «نيوم» و«أكوا باور»، ومقرها الرياض، و«إير بروداكتس»، ومقرها بنسلفانيا. ومن المتوقع أن تبلغ طاقة المشروع المتجددة 4 جيغاواط في عام 2025 ليصبح أكبر منشأة طاقة متجددة من الهيدروجين إلى الأمونيا في العالم. (عن "الشرق الأوسط")
الصورة: إحدى محطات وقود الهيدروجين للسيارات في السعودية (واس)