توشك مدغشقر على مواجهة أول "مجاعة بسبب تغيُّر المناخ" في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.
وتقول المنظمة إن عشرات الآلاف من الأشخاص يعانون بالفعل من مستويات "كارثية" من الجوع وعدم توافر الأمن الغذائي بعد أربع سنوات من شح هطول الأمطار.
وأدى الجفاف، وهو الأسوأ منذ أربعة عقود، إلى تدمير المجتمعات الزراعية النائية في جنوبي البلاد، تاركاً العائلات تبحث عن الحشرات للبقاء على قيد الحياة.
وقالت شيلي ثاكرال، من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: "هذه ظروف شبيهة بالمجاعة وهي مدفوعة بالمناخ وليس الصراعات".
وتقدّر الأمم المتحدة معاناة 30 ألف شخص حالياً من أعلى مستوى معترف به دولياً من عدم توافر الأمن الغذائي، وهو المستوى الخامس، وثمة مخاوف من أن يرتفع عدد المتضررين بشكل حاد مع دخول مدغشقر "موسم الجفاف" التقليدي قبل الحصاد.
وقالت ثاكرال: "إنه أمر غير مسبوق، هؤلاء الأشخاص لم يفعلوا شيئا أسهم في تغيُّر المناخ، إنهم لا يحرقون الوقود الأحفوري ... ومع ذلك فهم يتحملون وطأة تغيُّر المناخ".
وعلى الرغم من أن مدغشقر تعاني من حالات جفاف متكررة وتتأثر في الغالب بتغيُّر أنماط الطقس الناجم عن ظاهرة النينيو، يعتقد خبراء أن تغيُّر المناخ يمكن أن يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأزمة الحالية.
وقال روندرو باريمالالا، عالم من مدغشقر يعمل في جامعة كيب تاون في جنوب إفريقيا: "رصدنا من خلال أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، أن مدغشقر تشهد زيادة في الجفاف. ومن المتوقع أن يزداد هذا باستمرار تغيُّر المناخ".
وأضاف: "يمكن اعتبار هذا حجة قوية جداً للناس من أجل تغيير أساليبهم".
وأكد كريس فانك، مدير مركز المخاطر المناخية، عند عرض نفس بيانات الغلاف الجوي في جامعة سانتا باربرا في كاليفورنيا، على وجود ارتباط بـ "احترار الغلاف الجوي"، وقال إن سلطات مدغشقر بحاجة إلى العمل على تحسين إدارة المياه.
وأضاف: "نعتقد أن هناك الكثير الذي يمكن عمله على المدى القصير. يمكننا غالباً التنبؤ بموعد هطول الأمطار غير المعتاد ويمكن للمزارعين استخدام هذه المعلومات لزيادة إنتاج محاصيلهم. لسنا عاجزين عن مواجهة تغيُّر المناخ".
وأصبح تأثير الجفاف الحالي أمراً ملموساً في المدن الكبرى في جنوبي مدغشقر، إذ يدفع العديد من الأطفال إلى التسول في الشوارع بغية الحصول على الطعام.
وأضافت تشينا إندور، التي تعمل في مؤسسة خيرية تدعى "سِيد" في تولانارو: "الأسعار في السوق ترتفع، ثلاث أو أربع أضعاف، الناس يبيعون أراضيهم للحصول على بعض المال لشراء الطعام".
وقال لومبا هاسوافانا، زميل إندرو، إن العديد من الأشخاص ينامون في حقول الكسافا في مسعى لحماية محاصيلهم من الأشخاص اليائسين من الحصول على الطعام، وهذا أصبح خطيراً للغاية".
وأضاف: "الأمر مخاطرة بالنفس. أجد الأمر صعباً حقاً عندما أتصور أنه يتعيّن أن أفكر كل يوم في إطعام نفسي وعائلتي. كل شيء لا يمكن التنبؤ به بشأن الطقس الآن. إنه سؤال كبير للغاية، ماذا سيحدث غدا؟" (عن "بي بي سي عربي")
الصورة: WFP/TSIORY ANDRIANTSOARANA