في معركتهم ضد مسببات التلوث البيئي، تتجه أعين الكثير من نشطاء البيئة إلى قماش الجينز، أحد أكثر الأقمشة استعمالاً وشهرة حول العالم، نظراً لدوره الكبير في استهلاك الموارد المائية وتأثير صناعته على البيئة.
وفي خطوة تهدف في الأساس إلى تسليط الضوء على تاريخ هذا القماش وعلاقته بالحياة والبيئة، انطلق في باريس معرض يركز من بين أمور أخرى على علاقة هذا القماش بالبيئة ودور صناعته في تلويثها، إضافة إلى التحديات المرتبطة بهذه الصناعة فيما يتعلق بحقوق العمال في الدول الفقيرة المنتجة للجينز.
وحسب بيانات صادرة عن الأمم المتحدة، فإن سروالاً واحداً من الجينز يتطلب كيلوغراماً من القطن، وتحتاج زراعة نباتات قطن تنتج كيلوغراماً واحداً إلى ما يراوح بين 7500 و10 آلاف ليتر من المياه، ما يجعل هذه الصناعة ضمن الأكثر استنزافاً للموارد المائية.
وحسب القائمين على المعرض المنظم في مدينة العلوم في العاصمة الفرنسية، فإن سراويل قماش الجينز التي يباع منها 73 وحدة في الثانية الواحدة حول العالم، باتت رمزاً للاستغلال المفرط للموارد وأحد أكثر المواد المسؤولة عن تلويث البيئة.
وأوضحت المسؤولة عن المعرض، صوفيا ليكير، أن «الجينز» بات في عين العاصفة عندما يتم الحديث عن الاستهلاك المفرط للمياه والمبيدات الحشرية في زراعة القطن المادة الأساسية للقماش.
ولفتت في تصريحات لموقع «فرانس إنفو» إلى أن هناك جانباً مأساوياً آخر يتعلق بصناعة الجينز المحبوب عالمياً، وهو ظروف العمل المزرية في صناعة هذا القماش في عدد من الدول على غرار بنغلاديش، حيث يعاني الكثير من عمال هذه الصناعة الكثير من المشاكل.
خطر على الحياة البحرية
ويسلط المعرض الضوء على البدائل المتوفرة لإنتاج الجينز انطلاقاً من مواد وآليات أكثر استدامة وصداقة للبيئة، خصوصاً باستخدام القطن البيولوجي، وإعادة التدوير، إضافة إلى استخدام تقنيات جديدة في عمليات غسل وتلوين القماش، ما يقلل استهلاك صناعة الجينز للموارد المائية.
وكذلك تعد صبغات الجينز ضمن المواد الأكثر تلويثاً للمسطحات المائية، وتشير بعض التقارير إلى دورها الكبير في تدمير الحياة البحرية، وحتى تلويث مياه الشرب.
ويُصنع بعض الجينز الضيق «ليكرا على سبيل المثال» من أقمشة إصطناعية مرنة مستخرجة من البلاستيك، من الصعب إعادة تدويرها، ومن ثم يتضاعف تأثيرها على البيئة.
وحسب بيانات صادرة عن شركة «ليفي شتراوس» المختصة في صناعة الجينز، ينتج سروال واحد ما يعادل 33.4 كيلوغراماً من انبعاثات مكافئ ثاني أوكسيد الكربون.
ويأتي ثلث هذه الانبعاثات من عملية إنتاج القماش، و8 في المئة من القص والخياطة، و16 في المئة من التعبئة والنقل والبيع، و40 في المئة من استخدامات المستهلك، مثل غسيل الجينز والتخلص منه في مكب النفايات، وفقاً لموقع «بي بي سي».
ويعود تاريخ هذا القماش إلى أواخر القرن الـ19 في أميركا، حين بدأ في دخول خزانة الملابس اليومية حيث كان القماش المميز خصوصاً لدى عمال التنقيب عن الذهب نظراً لصلابته وتماسكه، لنصل إلى ذروة دخوله الحياة العامة وشهرته بين الشباب في ستينيات القرن الماضي بعد أن رافق التغيُّرات الاجتماعية والثقافية في ذلك الوقت وجذب الأنظار بفضل رموز السينما والموسيقى. (عن "الرؤية")