توصيات باقتصاد أخضر ودمج الاستدامة في خطط إعادة الإعمار
اختتم المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) مؤتمره السنوي التاسع حول التنمية المستدامة في مناخ عربي متغير، الذي عقد يومي 10 و11 تشرين الثاني (نوفمبر) في الجامعة الأميركية في بيروت وذلك من ضمن احتفالاتها بالعيد الخمسين بعد المئة على تأسيسها. وشارك فيه نحو 500 مندوب من 58 بلداً يمثلون 160 مؤسسة من القطاعين العام والخاص والمنظمات الإقليمية والدولية ومراكز الأبحاث والجامعات والمجتمع المدني.
وأعلن أمين عام المنتدى نجيب صعب توصيات المؤتمر التي تضمنت ضرورة التحول إلى اقتصاد أخضر في المنطقة العربية، وإدخال مبادئ التنمية المستدامة في مبادرات فض النزاعات وإحلال السلام وفي خطط إعادة الإعمار المرتقبة.
أوصى المؤتمر بمجموعة من الإجراءات التي تساعد البلدان العربية على تحقيق أهداف الأمم المتحدة الـ17 للتنمية المستدامة بحلول سنة 2030. فدعا إلى العمل على إحلال السلام والأمن كشرط لتحقيق هذه الأهداف، وإلى اعتماد رؤية بعيدة المدى واستراتيجية تنفيذية ذات أولويات بهدف دفع الاقتصادات العربية في مسار أخضر مستدام، مع سياسات متكاملة تدمج تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع متطلبات التصدي لتغير المناخ، بما فيها تخفيف الانبعاثات والتكيف مع الآثار. واقترح خلق جهاز وطني للتنمية المستدامة لضمان تكامل السياسات والمتابعة والتقييم. وأكد على أهمية التنسيق والتعاون بين البلدان العربية في تحقيق خطط التنمية، واستثمار المزايا النسبية بين البلدان العربية، خاصة في مجال الموارد الطبيعية، والاتفاق على إجراءات وحوافز لتطبيق الاستراتيجية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدامين التي أقرتها جامعة الدول العربية. ولمواجهة التحدي الرئيسي لندرة المياه والجفاف، اللذين يفاقمهما تغير المناخ، على الدول العربية تبني العلاقة التلازمية بين المياه والغذاء والطاقة في خططها التنموية.
ودعا المؤتمر إلى إدخال تدابير لتخضير القطاع المالي وتشجيع الاستثمار في المشاريع الصديقة للبيئة، بما في ذلك إصدار سندات خضراء، مع تخصيص تمويل كاف لبرامج الأبحاث والتطوير التي تدعم التنمية المستدامة. وأوصى بالخفض التدريجي لدعم السلع، مع معالجة الآثار السلبية على ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. ولفت إلى إمكانات استقطاب الموارد المحلية لتمويل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بما فيها صناديق التنمية الوطنية والإقليمية والميزانيات الحكومية والقطاع الخاص.
وأكد المؤتمر على أهمية تعزيز دور القطاع الخاص والمجتمع الأهلي كشركاء في الجهود الحكومية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى ضرورة اعتماد تدابير خاصة في البلدان التي تستقبل لاجئين لتأمين حاجاتهم الأساسية مع المحافظة على التوازن البيئي، وإعداد الظروف الملائمة لإعادتهم إلى بلدانهم في أقرب فرصة.
وسوف تعمم توصيات المؤتمر على الحكومات والهيئات العربية، ويتم تقديمها إلى قمة المناخ في مراكش واجتماعات وزراء البيئة العرب واللجنة المشتركة للبيئة والتنمية في جامعة الدول العربية.
التنمية المستدامة في بلدان ما بعد الصراع
في اليوم الثاني لمؤتمر "أفد"، طُرح موضوع التحديات التي تواجه البلدان العربية التي تعاني حروباً ونزاعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. أدار الجلسة عبدالله الدردري نائب الأمين التنفيذي للإسكوا.
تحدث الدكتور طارق متري مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية والمبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا. فأشار إلى النزاعات المتفجرة بعد الثورات في المنطقة، وإلى ضعف الدولة وتمزق المجتمعات وانطلاقها إلى العنف والفوضى والعصبيات التي اعتبرت آكلة المجتمعات العربية المعاصرة. وقال إن الأحوال العربية مطبوعة بسمة انتقالية، والمطلوب هو العبور من الموقت إلى الدائم، والتمييز القاطع بين الدولة الثابتة والسلطة الموقتة، وظهور نخبة سياسية جديدة لها رؤية لأوطانها ولإعادة بناء المؤسسات والدولة. ورأى أن الحوار لا يستقيم من دون اعطاء الأولوية للتنمية المستدامة، فهي المحك للوعود التي أطلقتها الثورات، ملاحظاً أن ما جرى من حوارات وطنية استغرق في تقاسم السلطة لا التنمية المستدامة التي ترسخ المصالحة.
وأشار عبدالرحمن الأرياني وزير المياه والبيئة اليمني السابق إلى أسباب بيئية ساهمت في الحرب الدائرة في اليمن، خصوصاً سوء إدارة الموارد المائية، مؤكداً على ضرورة إحلال حد أدنى من السلام قبل الكلام على حماية البيئة والتنمية. وتناول حسن بارتو، مدير البرامج في فرع إدارة مرحلة ما بعد النزاع في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، استراتيجية عمل البرنامج من خلال التقييم العلمي للآثار البيئية للنزاعات، وبرامج الإصحاح البيئي بعد الصراع، والتصدي للأسباب البيئية للنزاع والاستثمار في الطاقات البيئية لبناء السلام. وقدم الدكتور طارق المطيرة، مدير مشروع سيناريوهات ما بعد الصراع لإعادة الإعمار المستدام والمرن في جامعة لوند في السويد، دراسة ميدانية عن فرص إعداد اللاجئين السوريين لعملية التنمية وإعادة الإعمار، أجراها فريق المشروع.
التربية المستدامة
أدار الدكتور عدنان بدران، رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية، جلسة حول التربية من أجل التنمية المستدامة، شارك فيها الدكتور فضلو خوري رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، والدكتورة ليلى حمدان أبو حسن عضو المجلس الأعلى للتعليم في الأردن، والدكتور عبدالنبي الغضبان مدير الأبحاث في معهد الكويت للأبحاث العلمية. فأكدوا على ضرورة تعزيز الطاقات المحلية عن طريق الاستثمار في الموارد البشرية. وهذا يشمل مراجعة المناهج التربوية على جميع المستويات، بما فيها التعليم المهني وبرامج تدريب المدربين، وتشجيع التفكير النقدي والإبداعي، ودعم برامج الأبحاث والتطوير.
الصحة والتنمية
تحقيق هدف الصحة للجميع كان موضوع جلسة قدم خلالها الدكتور إيمان نويهض، عميد كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، نتائج دراسة عن أحوال الصحة البيئية وانعكاساتها على التنمية في المنطقة العربية، أجراها فريق من الكلية بإشرافه. وأكدت الدراسة على الحاجة إلى منظور إقليمي ومقاربة تعتمد مفهوماً إيكولوجياً متكاملاً للصحة، واعتبرت هدف "الصحة للجميع، هدفاً جامعاً وإقليمياً من أجل الرفاه والبقاء في العالم العربي.
وتحدث في الجلسة الدكتور أميرحسين تكيان، رئيس قسم الصحة العالمية والسياسة العامة في جامعة طهران للعلوم الطبية، داعياً إلى عولمة وحوكمة من نوع جديد ومركزاً على أهمية تحسين الظروف الصحية لتحقيق العدالة ودعم السلام. وتناول الدكتور باسل اليوسفي، مدير المركز الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، التدهور البيئي الذي يتسبب كل سنة بأكثر من 450 ألف وفاة مبكرة في المنطقة، نتيجة تلوث الهواء ونقص المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي والتعرض للنفايات وغيرها، مؤكداً على أهمية البيئة السليمة في الوقاية من الأمراض. وتطرقت الدكتورة فرح النجا، الأستاذة في كلية الزراعة والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أهمية الأنظمة الغذائية في تعزيز الصحة والاستدامة. وأدارت الجلسة الدكتورة ريما حبيب الأستاذة في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت.
منتدى قادة المستقبل
واجتمع 52 طالباً من 12 جامعة عربية في "منتدى قادة المستقبل البيئيين"، فناقشوا تحديات وسبل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية وقدموا إعلاناً شبابياً إلى الجلسة الختامية. كما اجتمع ممثلو منظمات أهلية من عدة دول عربية وقدموا إعلان المجتمع المدني بشأن التنمية المستدامة.
وتضمنت الجلسة الختامية كلمة رئيسية للدكتور فريد بلحاج، المدير الإقليمي للشرق الأوسط للبنك الدولي، حول سياسات المعيشة المستدامة ودور البنك الدولي في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للدول العربية. وهو أكد أن لا تنمية من دون سلام ولا استقرار للسلام من دون تنمية. وأدار أمين عام "أفد" نجيب صعب نقاشاً حول كيفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال سياسات ملائمة، شارك فيه مجموعة من صانعي السياسة والخبراء وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية.
وكان وفد من مجلس أمناء "أفد" زار رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وقدم له تقرير المنتدى عن التنمية المستدامة، وأحاطه بمناقشات المؤتمر السنوي للمنتدى والانعكاسات المحتملة لانتخاب دونالد ترمب على التزامات الولايات المتحدة باتفاقية باريس لتغير المناخ.
يمكن الاطلاع على تقرير "أفد" حول التنمية المستدامة في مناخ عربي متغير من الموقع:
www.afedonline.org
كلام الصور:
الصورة 1: طارق متري في جلسة التنمية المستدامة في بلدان ما بعد الصراع
الصورة 2: نجيب صعب يعلن توصيات المؤتمر
الصورة 3: وفد "أفد" مع الرئيس الحريري
المؤتمر السنوي التاسع للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)
التنمية المستدامة في مناخ عربي متغيّر
بيروت 10 – 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016
مسودة التوصيات
عقد المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) مؤتمره السنوي التاسع في 10 و11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 في الجامعة الأميركية في بيروت، في إطار احتفالاتها بالذكرى المئة والخمسين لتأسيسها. بحث المؤتمر التحديات التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلدان العربية بحلول سنة 2030 كما أقرتها الأمم المتحدة. استقطب المؤتمر 500 مشارك من 58 بلداً، يمثلون 170 مؤسسة من القطاعين العام والخاص والجامعات ومراكز الأبحاث والمجتمع المدني.
اتفق المؤتمر مع النتائج التي توصل إليها تقرير "أفد" حول التنمية المستدامة في مناخ عربي متغيّر، خاصة الحاجة إلى التحول إلى اقتصاد أخضر وإدخال مبادئ التنمية المستدامة كجزء في خطط إعادة الإعمار.
وأصدر المؤتمر التوصيات الآتية:
1. العمل على إحلال السلام والأمن كشرطين لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية. فالاستقرار السياسي ضرورة ملحة لإيجاد الظروف الملائمة للتنمية، كما أن التنمية المستدامة التي تطال منافعها الجميع شرط لثبات الاستقرار السياسي.
2. اعتماد رؤية بعيدة المدى واستراتيجية تنفيذية ذات أولويات، بهدف دفع الاقتصادات العربية في مسارٍ أخضر مستدام، كوسيلة لتفعيل الاقتصاد وتنويعه ليكون أقل كربوناً ومتوافقاً مع متطلبات الحد من تغير المناخ. إلى جانب تشجيع التنافسية وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية، وخلق فرص عمل جديدة، والقضاء على الفقر وتحسين الأوضاع البيئية ونوعية الحياة.
3. اعتماد سياسات متكاملة في التنمية لتأمين توازن الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، بحيث تأخذ في الاعتبار تخفيف مسببات تغير المناخ والتكيف مع نتائجه.
4. النظر في خلق جهاز وطني للتنمية المستدامة يكون تحت الإدارة المباشرة لرأس السلطة التنفيذية، وذلك لضمان تكامل السياسات والتنسيق والمتابعة والتقييم.
5. تعزيز الطاقات المحلية عن طريق الاستثمار في الموارد البشرية. وهذا يشمل مراجعة المناهج التربوية على جميع المستويات، بما فيها التعليم المهني وبرامج تدريب المدربين، وتشجيع التفكير النقدي والإبداعي، ودعم برامج الأبحاث والتطوير.
6. تقوية التنسيق والتعاون بين البلدان العربية في تحقيق خطط التنمية وأولوياتها، واستثمار المزايا النسبية بين البلدان العربية، خاصة في مجال الموارد الطبيعية، لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
7. اعتماد سياسة تشاركية تُدخل جميع قطاعات المجتمع في عملية اتخاذ القرارات على جميع المستويات، من الفكرة إلى وضع السياسات والخطط والبرامج والتنفيذ والمتابعة والتقييم.
8. تطوير سياسات تدعم التحول إلى اقتصاد أخضر ومستدام في جميع القطاعات. وهذا يشمل القوانين والإجراءات والحوافز وتمويل البحث والتطوير والتكنولوجيات الجديدة وبناء القدرات والتمويل المستدام.
9. الاتفاق على إجراءات وحوافز، بما فيها حملات توعية جماهيرية، للتأكد من تطبيق الاستراتيجية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدامين، التي أقرتها جامعة الدول العربية، وذلك على المستوى الوطني في كل دولة.
10. إدخال تدابير لتخضير القطاع المالي، مع التركيز على تشجيع الشركات الصغرى والمتوسطة، للاستثمار في مشاريع خضراء ومستدامة.
11. اتخاذ التدابير اللازمة للخفض التدريجي لدعم السلع الذي يضر بالبيئة، مع التأكد من معالجة الآثار السلبية على ذوي الدخل المنخفض والمتوسط.
12. اعتماد التدابير اللازمة لاستقطاب موارد محلية جديدة لتمويل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، بما فيها صناديق التنمية والقطاع الخاص، والصكوك الخضراء.
13. تعزيز دور القطاع الخاص والمجتمع الأهلي كشركاء في الجهود الحكومية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.
14. اعتماد تدابير خاصة في البلدان التي تستقبل لاجئين من بلدان مجاورة تواجه نزاعات مسلحة، بما يؤدي إلى تأمين الحاجات الإنسانية الأساسية للاجئين خلال فترة انتقالية، مع المحافظة على التوازن البيئي، وإعداد الظروف الملائمة لإعادتهم الى النسيج الاجتماعي والاقتصادي لبلدانهم في أقرب فرصة.