دخلت مرحلة التشغيل أمس منشأة بحثية رائدة لإنتاج الوقود الحيوي والغذاء في الأراضي الصحراوية المروية بمياه البحر، وذلك على مساحة هكتارين في مدينة مصدر في أبوظبي. يدير المنشأة معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، ويمولها "اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة" الذي يضم جهات عالمية تسعى إلى تعزيز التزام قطاع الطيران بالحد من انبعاثات الكربون عبر تطوير إمدادات مستدامة من الوقود النظيف.
وقال الدكتور ثاني أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة في الإمارات الذي شهد بدء العمليات التشغيلية: "توفر البحوث والابتكارات دعماً كبيراً لدولة الإمارات في مساعيها للتصدي للتحديات البيئية والاجتماعية، مثل ضمان الأمن الغذائي والمائي وحماية النظم البيئية". وأضاف: "إلى جانب إنتاج الطاقة الحيوية المستدامة، ستوفر المنشأة مساراً محدداً لتنمية قطاع تربية الأحياء المائية، وهذا بالتالي سيدعم أمننا الغذائي".
وتستورد دولة الإمارات اليوم نحو 90 في المئة من احتياجاتها الغذائية، بتكاليف يتوقع أن تزداد بنحو 300 في المئة خلال العقد المقبل، مما يستوجب إيجاد حلول مبتكرة لضمان الأمن الغذائي.
وتعد تربية الأحياء المائية، أي الاستزراع الصناعي للأسماك والقشريات، من أسرع قطاعات الأغذية نمواً في العالم، إذ يصل معدل نموها حالياً إلى نحو 6 في المئة سنوياً. ولكن في حين يمكن لنظم تربية الأحياء المائية أن تقلل من الاعتماد على استيراد المواد الغذائية الخارجية وأن تعزز الأمن الغذائي، إلا أنها تنطوي على تحديات بيئية ناتجة عن التأثير السلبي الذي تخلفه النفايات الغنية بالمغذيات التي تصب في مياه البحر.
وتسعى المنشأة البحثية إلى إيجاد حلول لهذه التحديات وتقليل البصمة البيئية لممارسات الزراعة التجارية. فتتم الاستفادة من مياه البحر لتربية الأسماك والروبيان (الجمبري)، واستخدام هذه المياه المليئة بالمغذيات في تخصيب النباتات الغنية بزيوت يمكن استخلاصها لإنتاج وقود حيوي مناسب لقطاع الطيران. وهذه النباتات قادرة على النمو في مناطق قاحلة وظروف صحراوية قاسية، لذلك لا تتطلب المياه العذبة أو الأراضي الصالحة للزراعة. وفي المرحلة الأخيرة من المنظومة، قبل إعادة المياه المستعملة إلى البحر، يتم تحويلها إلى غابات المنغروف (القرم) التي تعمل كمصفاة نهائية للعناصر الغذائية المتبقية وكمصرف للكربون نظراً لاتساع جذورها.
وقد تأسس "اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة" بالتعاون بين معهد مصدر وشركات الاتحاد للطيران وبوينغ وهانيويل، وانضمت إليه لاحقاً شركات تكرير وسافران وجنرال إلكتريك. وقال مارك ألان، رئيس شركة بوينغ إنترناشونال: "من المتوقع أن يكون للوقود الحيوي المستدام للطيران دور هام في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية التي حددها القطاع. ونحن فخورون بأن نكون جزءاً من هذا الاتحاد في أبوظبي، الذي يرمي إلى إقامة منشأة لأبحاث الوقود الحيوي، فله إمكانات واعدة في تحويل الصحارى الساحلية إلى أراض صالحة للزراعة، ما يعزز الأمن الغذائي ويساهم في الحفاظ على سلامة البيئة".
وسوف تعمل المنشأة البحثية على إبراز جدوى وفاعلية تطبيق نظام متكامل يتضمن إنتاج الغذاء والوقود الحيوي والاستخدام المناسب للأراضي، مع خفض انبعاثات الكربون وتنظيف المياه العادمة. وفي حال تم إثبات جدوى هذه التكنولوجيا على نطاق مصغر، سيتم التوسع بها وصولاً إلى تطبيقها في موقع شاسع يمتد على مساحة 200 هكتار.
الصورتان: الدكتور ثاني الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة في الامارات، يزرع فسيلة منغروف في المنشأة البحثية