في إطار مشروع إعادة افتتاح حرج بيروت، قام تلامذة القسم المتوسط في مدرسة "انترناشونال كولدج" (IC) ببناء بيوت للعصافير، قدموها لجمعية "نحن"، لكي يتم وضعها في الحرج مساهمة منهم في إعادة إحيائه.
وقد سبق لطلاب الصف المتوسط السابع أن قاموا بهذا النشاط العام الفائت مع أستاذ التاريخ والجغرافيا كريستيان توتل، حيث وزعوا 50 بيتاً للعصافير في حدائق المدرسة. وأرادوا نقل الفكرة هذه السنة إلى حرج بيروت، فصنعوا 40 بيتاً خشبياً كمرحلة أولى، بمساهمة من إدارة المدرسة وبإشراف المديرة وداد الحص والمعلمتين مايا كرم وسمر نويهض.
الفكرة أتت في الأصل من كارثة النفايات وتراكمها في البلاد منذ أشهر، والتي أدت الى انتشار الذباب والبعوض وحشرات أخرى تنقل العدوى وتتسبب بأمراض. وتساءلوا: كيف في الامكان التخلص من هذه الحشرات والأوبئة؟ وجاءهم الجواب أن العصافير تأكلها، ولكي تأتي العصافير لا بد من جذبها من خلال بناء بيوت لها توضع على أغصان الأشجار فتتكاثر، وتكون هذه مساهمة ولو بسيطة منهم في تنظيف البيئة.
اختار التلامذة حرج بيروت لأنه البقعة الخضراء الوحيدة الباقية في العاصمة، إلى جانب الجامعة الأميركية ومدرسة IC حيث الأشجار كبيرة ومعمرة، وهذا ضروري لوضع البيوت فيها، فتبيض العصافير وتتكاثر.
قام 40 تلميذاً تراوح اعمارهم بين 12 و 13 عاماً يصنع 40 بيتاً خشبياً بأيديهم، بمساعدة نجار محترف وإشرافه، لا يدخل فيها الغراء لأن العصفور لا يتحمل رائحته، ولا الدهان لأن العصفور يجذبه لون الخشب الطبيعي وفق المعلومات العلمية التي بحثوا عنها وجمعوها قبل بدء العمل، ليعرفوا كيف تصنع هذه البيوت.
وأشار توتل الى أن "الفكرة تتجاوز مجرد بناء بيت عصفور، إلى جعل الأولاد يشعرون بانتماء حقيقي إلى مدينتهم وبيئتهم، ويرجعون إلى الحرج. فبهذا البيت سيكون لكل ولد "قطعة " من ذاته صنعها بنفسه، وسيعود إليها مرة تلو الأخرى ويستفقدها، وبهذا سيتردد دائماً إلى الحرج ويحبه ويجهد للمحافظة عليه. كما أنه يطور مفهوم التنمية المستدامة لدى التلاميذ".
كان واضحاً التأثير والانطباع الكبيران اللذان تركتهما هذه التجربة في نفس كل منهم. تقول لانا يونس: "بهذا المشروع شعرنا بالفرح وبحس المواطنة، لأننا قمنا بعمل مفيد لمجتمعنا ويدوم طويلاً. ويؤكد إيلي نصار أنه "علّمنا روح التعاون والمشاركة". أما مكرم بكداش وتاليا صقر فيقولان إن "هذه البيوت ستساعد في تطوير الحرج، وتشكل ملجأ للعصافير من الأمطار والبرد والريح والحيوانات المفترسة التي تأكلها مثل الهررة وغيرها، فتحيي الحرج بوجودها وزقزقتها، وتضفي عليه مسحة جمالية". وتعلمت جنى محفوظ أن "الطيور تؤدي دوراً ايجابياً في التوازن البيئي ولها فوائد عدة. وبوضع بيوت لها في حرج بيروت ستعيش هناك، وبذلك سوف تساهم في انتشار العديد من الأشجار والإزهار. فهي بمثابة بديل للمبيدات المكلفة التي تضر بالبيئة، إذ تتغذى على الحشرات والديدان والقوارض الصغيرة التي تملأ حرج بيروت، بالاضافة الى أنها ستساهم في تلقيح الأزهار بنقلها اللقاح من زهرة إلى أخرى".
في حفل افتتاح الحرج الذي سيجري خلال الأيام المقبلة، سيتسلم التلامذة المشاركون شهادات تقدير، وسيسمى كل بيت على اسم التلميذ الذي صنعه.
يذكر أن جمعية "نحن" هي عضو في اللجنة التي شكلها محافظ بيروت القاضي زياد شبيب لمساعدة بلدية بيروت في إدارة الحرج عندما يفتح، عبر 100 متطوع من أعضائها يستقبلون الزائرين ويرشدونهم ويساعدون في ضبط النظام. (مي عبود أبي عقل، "النهار")