أفاد المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) في بيان له أن التحول إلى اقتصاد خالٍ من الكربون سيتم بشكل أسرع مما كان متوقعاً، وذلك بعد إقرار اتفاقية قوية للمناخ في باريس. وقد حض الأمين العام للمنتدى نجيب صعب الدول العربية على "أن تبدأ حالاً بتنويع اقتصاداتها وتعيد النظر بأهداف النمو الحالية لضمان مستقبل مستدام"، مضيفاً أن الدول العربية "يمكنها أن تصبح دولاً رائدة في الطاقة المتجددة، كما كان حالها كدول نفطية".
وأضاف البيان أن "المنتدى يشعر بالاعتزاز لأنه كان جزءاً من هذه العملية. فقد أعطى تقرير "أفد" حول أثر تغير المناخ على البلدان العربية، الذي صدر عام 2009، حجة دامغة للمفاوضين أن اتفاقاً قوياً لمحاربة تغير المناخ هو في مصلحة البلدان العربية". وشارك مندوبون من "أفد" في جميع مراحل مؤتمرات المناخ لمساعدة المفاوضين في التوصل إلى نتائج متوازنة.
هدف الاتفاقية هو وضع حد للمضاعفات الكارثية لتغير المناخ، عن طريق خفض انبعاثات الكربون في المدى القصير، مع هدف وقف الانبعاثات كلياً بحلول سنة 2050. وهذا يبعث إشارة قوية إلى المخططين والأسواق والمستثمرين والمخترعين لتعجيل الانتقال إلى قطاع طاقة خالٍ من الكربون.
وشدّد البيان على أنه "مع أن الهدف هو تخفيض انبعاثات الكربون وليس منع استخدام الوقود الأحفوري، لكن إلى حين التوصل إلى تكنولوجيا تمنع انبعاثات الكربون في الجو من حرق الوقود، سيكون من الصعب الفصل بين الاثنين. وحتى ذلك الوقت، تبقى الرسالة من باريس أن على دول العالم أن تكون مستعدة للتعامل مع اقتصاد بلا كربون خلال فترة قد لا تتجاوز 35 سنة".
وأوضح صعب أنه "إلى جانب الطاقات المتجددة، ستشهد الفترة الانتقالية اهتماماً متزايداً لتعزيز كفاءة الطاقة واستبدال محطات إنتاج الكهرباء التي تستخدم الفحم الحجري والبترول بأخرى تستخدم الغاز، وذلك لتحقيق خفض سريع، ولو محدود، في الانبعاثات. وسينعكس هذا زيادة في الطلب على الغاز وتكنولوجيات كفاءة الطاقة".
وأشار البيان إلى أن ما جعل الاتفاق ممكناً كان تحالفاً غير مسبوق بين مئة دولة نامية ومتقدمة، تم الكشف عنه قبل ثلاثة أيام من موعد انتهاء المفاوضات، ضم الدول الأكثر تأثراً في أفريقيا وجزر الكاريبي والمحيط الهادئ، جنباً إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا. دعا التحالف، الذي انضمت إليه البرازيل لاحقاً، إلى اتفاقية قوية ملزمة يشارك فيها الجميع. هذا التحالف أسقط الحواجز بين المجموعات التقليدية، ما دفع الصين والهند إلى الانضمام عقب مفاوضات شاقة.
وأشار صعب إلى أن المنتدى العربي للبيئة والتنمية "دعا دائماً إلى ثلاثة مسارات في التفاوض، بحيث يتم اعتبار الصين ودول الاقتصادات السريعة النمو مجموعة منفصلة عن غيرها من الدول النامية الفقيرة. واعتماد هذا المبدأ في جولة المفاوضات الأخيرة كان حاسماً في التوصل إلى اتفاق".
وتوقع صعب أن يكون للاتفاقية أثر كبير على الدول المصدرة للبترول، لأن التحول إلى اقتصاد لا يعتمد أساساً على الوقود الأحفوري قد يكون أسرع مما كان متوقعاً. وعلى هذه الدول أن تنوع اقتصاداتها سريعاً، وتجري تعديلات على أهداف النمو التي تعتمدها حالياً، في ما خص حجمها ونوعيتها. وكما أظهرت تقارير "أفد" المتعاقبة، فإن هذا الهدف يمكن تحقيقه. فجنباً إلى جنب مع التعاون الإقليمي، يمكن للدول العربية تحويل اقتصاداتها بطريقة مستدامة، وذلك باستخدام دخل النفط في العقود المقبلة لتعزيز التعليم والتقدم التكنولوجي وبناء اقتصاد متنوع، يعتمد على المنتجات والخدمات، وليس على تسييل الأصول الطبيعية والمالية".
وختم صعب "أرسلت مقررات باريس إشارة قوية لتنويع الاستثمارات وإعطاء وزن أكبر للطاقات المتجددة والنظيفة، ما يضمن انتقالاً سلساً إلى اقتصاد خالٍ من الكربون".