السمك هو إما من أفضل المأكولات لصحتك وإما من أضرّ المأكولات لصحتك، وذلك يتوقف على المصدر الذي يأتي منه. وفي ما يأتي مثال على سمكة "مضرة" في الولايات المتحدة.
باتت سمكة Tilapia ذات المنشأ الأفريقي واسعة الانتشار في الولايات المتحدة. فهي زهيدة الثمن، طيبة المذاق، شبه خالية من العظام والجلود، وتتحمل الطهي المفرط الذي يسبب مشاكل في كثير من أنواع الأسماك الأخرى.
لكن التيلابيا التي يأكلها الأميركيون تربى في مزارع وعلى نطاق تجاري، حيث تحصد آلاف الأسماك كل يوم. وعلفها ليس طبيعياً. ففي البرية تقتات التيلابيا بالطحالب والأعشاب، لكن المزارع تسمِّنها غالباً بواسطة حبيبات الذرة والصويا المعدلة وراثياً. أما الزيوت السمكية الصحية فتكاد تنعدم فيها، ما يبطل الإفادة الرئيسية للسمك.
لماذا التيلابيا المربّاة في مزارع سيئة لصحتنا؟
أولاً، أظهرت دراسات حديثة أن التيلابيا المستزرعة قد تسبب التهابات، ما قد يؤدي لاحقاً الى أمراض القلب والتهاب المفاصل والربو ومشاكل صحية أخرى، علماً أن كثيرين يلجأون الى تناول السمك للحصول على الأحماض الدهنية أوميغا3 - لتقليل خطر التعرض لنوبات قلبية. لكن العلماء وجدوا أن إمكانية تسبب التيلابيا بالتهابات هي أكبر كثيراً مما يسببه الهمبرغر أو اللحم المقدد (بايكون).
ثانياً، تبين أن الأسماك المستزرعة تحوي أكثر من 10 أضعاف كمية الملوثات العضوية الخطيرة المسببة للسرطان مقارنة بالأسماك البرية. ويرجّح أن السبب تشكيلة من المواد الكيميائية والمكونات المعدلة وراثياً التي تقتات بها هذه الأسماك. وقد أثبتت أبحاث أن سلح الدجاج هو أحد المكونات الرئيسية في علف أسماك المزارع.
ثالثاً، أسماك المزارع تحوي تركيزات عالية على نحو خطير من المضادات الحيوية والمبيدات. وهي تعالج بجرعات كبيرة من المضادات الحيوية نظراً لشدة تأثرها بأمراض كثيرة تسببها كثافة الأعداد في المزارع. كما أنها تعطى مبيدات لحمايتها من القمل البحري، وهذه المبيدات سامة الى حد أنها في بعض الحالات قتلت السلمون البري الذي تعرض لها مصادفة. ومن خلال الجهاز الهضمي لأسماك المزارع، تجد هذه المبيدات السامة طريقها في النهاية الى المحيط فتسمم أحياء بحرية أخرى.
رابعاً، تحوي أسماك المزارع مستويات من المغذيات الصحية أدنى كثيراً من الأسماك البرية أو تلك التي تربى عضوياً في مزارع. وأحماض الأوميغا 3 – لا تتمثل في أجسامنا مثل أحماض الأسماك البرية، ولذلك هي غير مفيدة غذائياً. كما أن مستويات البروتين فيها منخفضة والمحتوى الدهني مرتفع جداً، ويعود ذلك أساساً إلى تقييد حركة هذه الأسماك التي تربى بشكل مكثف وتُحتجز عادة بأعداد كبيرة في أقفاص.
خامساً، مستويات الديوكسين في أسماك المزارع أعلى بنحو 11 مرة مقارنة بالأسماك البرية. والديوكسين مادة كيميائية مسببة للسرطان ومضاعفات خطيرة أخرى. وعندما يدخل أجسامنا فإن تأثيراته السامة قد تستمر في التسبب بأضرار، لأن "عمره النصفي" يتراوح بين 7 أعوام و11 عاماً، لذلك يبقى في أجسامنا مسبباً أضراراً محتملة بعد مدة طويلة من ابتلاعه.
الأسماك غذاء صحي مثالي إذا تم اصطيادها من الطبيعة. لذلك يستحسن اختيار مصدر السمك بعناية قبل الشراء.