أعلن وزير البيئة اللبناني محمد المشنوق اليوم النتائج الأولية لتقييم أثر الأزمة السورية على البيئة في لبنان، بناء على دراسة قامت وزارة البيئة بإعدادها، من خلال برنامج "دعم الاصلاحات - الحوكمة البيئية" الممول من الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وهي تهدف بشكل أساسي إلى تحديد الأثر البيئي للنزوح بالمقارنة مع الوضع البيئي في لبنان عام 2011، وإعداد خطة إدارية بيئية تشمل التدابير التخفيفية اللازمة. وسوف تنشر الدراسة الكاملة في نهاية شهر آب (أغسطس) المقبل.
وكانت إحصاءات المفوضية العليا للاجئين في 31 أيار (مايو) 2014 أظهرت أن لبنان يستضيف نحو 37% من مجمل النازحين السوريين في المنطقة، أي نحو 1.4 مليون، ما يشكل نحو 33% من مجموع عدد سكانه عام 2011. ويقدر أن يصل عدد النازحين الى 1.8 مليون مع نهاية 2014.
تشير النتائج الأولية للدراسة إلى أن كمية النفايات الصلبة التي ينتجها النازحون السوريون سوف تصل إلى 324 ألف طن سنوياً بحلول أواخر 2014، ما يوازي 15.7% من النفايات التي كان ينتجها اللبنانيون قبل بداية النزوح. وينعكس التلوث الناتج عن تزايد كميات النفايات الصلبة سلباً على المياه السطحية والجوفية. كما يؤثر توسع المكبات العشوائية على تلوث التربة وتدهورها، بالإضافة إلى تلوث الهواء من جراء حرق النفايات، ويؤدي ذلك إلى الإضرار بالصحة والسلامة العامة. وتشير النتائج الأولية إلى أن الأمراض الأكثر شيوعاً هي السل والتيفوئيد والإسهال والحساسية في العينين.
وأظهرت الدراسة أن معدل استهلاك المياه للنازح السوري يتراوح بين 64 و104 ليتر يومياً، وهذا يزيد الطلب على المياه بنسبة 8 إلى 12% على المستوى الوطني، ما من شأنه تسريع وتيرة النقص في المياه الذي يشهده لبنان هذه السنة بشكل خاص.
وأشارت النتائج الأولية للدراسة إلى أن كمية المياه المبتذلة الناتجة عن النازحين السوريين ستصل إلى 34-56 مليون متر مكعب مع نهاية 2014، بما يوازي ارتفاعاً في مجموع المياه المبتذلة المنتجة على المستوى الوطني يتراوح بين 8 و14%. ويؤدي ذلك إلى طفح شبكات الصرف الصحي وانسدادها، ما يتسبب في ارتفاع كلفة تشغيل هذه الشبكات وصيانتها، وذلك بنسبة وصلت إلى 40% و50% في السنتين الماضيتين. هذا مع الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من المياه المبتذلة تنتهي في الأنهر والمياه السطحية والأودية، ما يزيد نسب التلوث في المناطق الحساسة بيئياً كحوض الليطاني.
وتساهم الأزمة السورية في زيادة تلوث الهواء من خلال الانبعاثات الصادرة عن قطاعات النقل والطاقة والتدفئة والنفايات الصلبة. ويتبين من النتائج الأولية للدراسة ازدياد بنسبة 20% في انبعاثات ملوثات الهواء على المستوى الوطني، من جراء الارتفاع الكبير في حركة مرور السيارات في المدن الرئيسية التي تستضيف النازحين السوريين وفي منطقة بيروت الكبرى. كما تشير إلى ازدياد انبعاثات أوكسيد النيتروجين بنسبة 10% من جراء لجوء عدد كبير من النازحين إلى المولدات الكهربائية لتأمين حاجاتهم. ومن المتوقع أن يشهد عدد من المدن، مثل بيروت وزحلة وبعلبك وطرابلس وصيدا، تدهوراً في نوعية الهواء، ما سيؤثر على الصحة العامة خاصة لدى المسنين والأطفال وذوي الحالات المرضية الصدرية.
وبحسب احصاءات المفوضية العليا للاجئين (31 أيار/مايو 2014)، يعيش نحو 15% من النازحين في مخيمات غير رسمية، لها أثر سلبي هام على استخدام الأراضي والمناظر الطبيعية بسبب توسع المخيّمات أفقياً، على عكس التجمعات المدنية المحكومة بتوسعات غالباً ما تكون عمودية، وهي تستضيف حالياً نحو 85% من النازحين السوريين. هذا مع الإشارة إلى ارتفاع وتيرة الطلب على المخيمات بسبب ارتفاع الايجارات في التجمعات المدنية، حيث ارتفع عدد هذه المخيمات بنسبة تفوق الأربعة أضعاف خلال عامين، من 282 مخيماً عام 2012 إلى 1224 مخيماً في 31 أيار (مايو) 2014، وذلك داخل الأراضي الزراعية أو على حدودها، ما من شأنه تقليص المساحات الزراعية.
ويتأثر عدد الأنظمة الايكولوجية سلباً بالأزمة السورية، خاصة المناطق الحساسة بيئياً مثل: ضفاف الأنهر نتجية ازدياد تلوث المياه بسبب التخلص من النفايات الصلبة والمياه المبتذلة فيها، والسهول مثل سهل البقاع حيث يتواجد 52% من المخيمات العشوائية في المناطق المعرضة لمخاطر الفيضانات، وغابات السنديان والملول وغيرها التي تواجه خطر قطع جائر للأشجار خلال فصل الشتاء المقبل.