يعتبر خبراء أن قطاع الصيد البحري دجاجة تبيض ذهباً بالنسبة للحكومات الموريتانية المتعاقبة. فالشواطئ الموريتانية، التي تعتبر من أغنى شواطئ العالم بالأسماك، مكنت الحكومات من ثروة سمكية كبيرة شكلت صادراتها المصدر الأساسي للموازنة ودفعت عجلة الاقتصاد الموريتاني خلال العقود الماضية. غير أن الدراسات والأبحاث تحذر من خطورة استنزاف الثروة السمكية والفساد المستشري في صفقات الصيد البحري بعد تراجع نسبة الأسماك في المياه الموريتانية بنسبة 30 في المئة.
ويحذر خبراء من عواقب تناقص الثروة السمكية على الاقتصاد الموريتاني، مؤكدين أن فتح الشواطئ الموريتانية أمام الأساطيل من دون رقابة مشددة أدى إلى انخفاض كبير في المخزون السمكي، مما أضر بالصيادين المحليين وبالبيئة البحرية. ويلقون باللائمة على الحكومات المتعاقبة التي فشلت في الحفاظ على هذه الثروة ووضعت سياسات أدت الى استنزاف المياه الإقليمية من بعض أنواع الأسماك وتراجع الثروة السمكية بشكل كبير.
ويعتمد الاقتصاد الموريتاني على تصدير الأسماك التي تمثل نحو 58 في المئة من صادرات البلاد، وتشكل إيرادات هذا القطاع نحو 25 في المئة من ميزانية الدولة و50 في المئة من مصادر العملة الصعبة و7 في المئة من الناتج الوطني الإجمالي.
وتحصد موريتانيا من شواطئها الممتدة على مساحة 780 كيلومتراً نحو 840 مليون طن من الأسماك سنوياً، وتعد أكبر مصدر عربي للأسماك بنحو 44 في المئة، كما تملك 18 في المئة من إنتاج الأسماك العربية لتحتل بذلك المرتبة الثالثة بعد المغرب ومصر. وهي تصدر نحو 95 في المئة من محصولها السمكي إلى الاتحاد الأوروبي.
يقول المحلل الاقتصادي أحمدو ولد العربي إن الثروة السمكية التي تمتلكها موريتانيا مهددة بالنضوب، بسبب ضعف الرقابة البحرية وجشع المستثمرين وملاك سفن الصيد الأوروبية والفساد المستشري في قطاع الصيد، خاصة في مجال منح الرخص. ويرى أن الاتفاقيات التي أبرمتها موريتانيا مع أساطيل أجنبية أدت إلى الاستغلال المفرط للثروة السمكية واستنزافها.
ويشير إلى أن الحفاظ على هذه الثروة، يقتضي القيام بجملة من الإجراءات لمنع الاستغلال الزائد للثروة السمكية، والقضاء على سوء الإدارة والفساد لاسيما في قطاع رخص الصيد، وتشديد الرقابة على الاتفاقات التي تتم بين رجال الأعمال والشركات الأجنبية للتهرب من دفع الضرائب والاستفادة من قوانين الاستثمار.
وتعمل الحكومة الحالية على تشديد الرقابة على سفن الصيد ووضع شروط أقسى في مجال الرقابة على الصيد السطحي والعينات الصغيرة لحماية مصالح الصيادين الموريتانيين التقليديين. (عن العربية نت)