محمد سيف الرحبي (مسقط، الحياة)
يبدأ امتداد الصحراء الرملية (امتدادات الربع الخالي) من ولاية بدية في محافظة الشرقية، على مسافة مئتي كيلومتر من العاصمة العُمانية مسقط. لكن تلك الولاية المجاورة لحائط الرمل لا تشي بأسرارها، فخلف كثبان الرمال المتحركة يمكن الزائر السير مسافة طويلة مجرّباً حالة التيه في الصحراء، لكنه يتتبع اللافتات الإرشادية الدالة على وجود مخيم وراء التلال التي تتكاثر أمامه.
ولا عجب أن تحمل المخيمات ما يقارب تلك الطبيعة. فهناك مخيم ألف ليلة وليلة ومخيم ليالي الصحراء ومخيم سفاري الصحراء والمخيم البدوي، تتوارى وراء الرمال مختارة عزلتها الأثيـرة، ليختار الزائر (المواطن والأجنبي) ما يناسبه في علاقته مع الصحراء: التأمل وخصوصاً في الليل، أو العيش في عزلة بعيدة من المدينة، أو تجربة المبيت في صحراء تذكّره بأسلافه الأوائل الذين لم يعرفوا إلا مشاهد محدودة، بينها ذلك الجمل الذي يمكنه تجربة امتطائه والسير به في تلك المفاوز المدهشة.
بين تشرين الأول (أكتوبر) ونيسان (أبريل) تستقبل الصحراء عشّاقها من كل مكان، خصوصاً من أوروبا المتعبة بثلوجها وعواصفها، فيمارس بعضهم الرياضة في مسارات تدهشهم حافات رمالها.
ومع حلول الليل تبدأ حالة العيش مع مفردات الصحراء والفنون التقليدية. وتتفاوت حالات الاستمتاع في المكان وفق السائح، فالمكان يعج بجاليات من بلاد مختلفة، عمانيون وخليجيون، بعضهم مع عائلاتهم، وأجانب لا يعرفون اللغة العربية، لكنهم يقبلون على دهشة المكان وهم يتنقلون بين الخيم التي تحمل أسماء مثل «بيت الرمال» و"خيمة الأمير" و"الخيمة العربية" مع وجود مواصفات خاصة لكل خيمة. لكن هناك حالة اجتماعية تجمع الزوار، مع القهوة العربية والمأكولات العمانية الآتية من ثقافة المكان.
وتدفع الحكومة العمانية باتجاه تنشيط الحياة داخل المخيمات، رغبة في كسب المزيد من الزوار لتحريك الحياة الاقتصادية في المناطق البدوية بالإقبال على شراء منتجات البدو، في ما يتعلق بالغزل والنسج وتقديم فنونهم الشعبية وبيع مواشيهم وتأجير جمالهم، والمشغولات التي يعملون عليها.