Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
أكثر من حارسة غابات  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 / عدد 56
 أنوك رايد
يكاد لا يخفى شيء على حدة بصرها في الغابة. تنحرف عن درب المشاة لتشير الى نبتة نادرة اكتشفتها في منتزه ناليشيفو الطبيعي. تكشط شقوقاً في شجرة بتولا بيضاء وتستخرج نسغاً جافاً وتشرح لي: "انه كالشاي حين يغلى. وهو رائع للكليتين بشكل خاص، وأيضاً للمثانة". وتمضغ كشمشاً أحمر اللون مرّ المذاق قطفته من شجرة الأشيتي، قائلة: "من الأفضل أن يطبخ أو يؤكل مع السكر". وتتمايل قبعتها الجبلية، المزينة بثعلب أسود وذيل سنجاب عثرت عليهما في الغابة، اذ تنحني لتجمع ثمار الشيسكا الارجوانية، أي توت الدب، من الشجيرات الصغيرة التي تحفّ بالدرب.
إرينا كروغلياكوفا حارسة غابات، "لكن مهنتي في الواقع أكثر من ذلك. مثلاً، أنا حفرت تلك اللافتة"، قالت وهي تشير الى اسم "كوخ السائح" المحفور في الخشب والمزخرف بأشكال حيوانات نابضة بالحياة. ثم أشارت الى تحفة أخرى وسط الكوخ: "لقد صنعت ذلك الموقد". ففضلاً عن حراسة الغابة، تعمل إرينا دليلة للسياحة البيئية في إدارة منتزهات كامشاتكا في روسيا. ليس في المنطقة جبل أو بركان لم تتسلقه. وهي رياضية، تروي بفخر كيف ركضت مرة من تالوسخي الى المخيم المركزي في ناليشيفو ذهاباً واياباً في وقت أقصر مما تستغرقه رحلة السياح باتجاه واحد.
عشق الطبيعة منذ الطفولة
ينتصب بركان أفاشا داخل منتزه ناليشيفو الطبيعي. وقد تسلقته إرينا ذات مرة برفقة ابنها الذي يبلغ الحادية عشرة من العمر. وفي تسلق آخر نجت بأعجوبة عندما أخطأتها كتلة صخرية بحجم منزل انهارت فجأة. ومن غرائب المصادفات أن سيدة تحمل الاسم ذاته، إرينا كروغلياكوفا، غرقت في اليوم نفسه في نهر أفاشا المتدفق هناك أثناء ممارستها رياضة التجديف (الرافتنغ). وترتعش إرينا كلما روت القصة، إذ يخالجها شعور رهيب بمشيئة الأقدار. وهي قالت لي: "إني أقوم برحلات سياحية بيئية منذ سنين. وقد واجهت أخطاراً مرات عديدة، لكنني عرفت دائماً ماذا يجب أن أفعل. انها الخبرة. حياتي ممتعة، والسياحة هي السبب، اذ تبقيني في حركة دائمة وتجعلني أكتشف أماكن جديدة. انها تلغي الملل من الحياة".
المنتزه الذي تفضله إرينا في كامشاتكا هو سلسلة براكين كليوشفسكوي. لكنها تشعر بالراحة في غابة البتولا البيضاء في ناليشيفو التي تخلع أوراقها في فصل الشتاء: "لكل فصل طابع خاص، وأنا أحب كل فصل". وفي مركز التوعية البيئية، توضح للزائرين قيمة كل نوع من الأحياء في الغابة، حتى ذلك الذي يشكون منه في الصيف: البعوض. فهي تصر على أن "هذه الحشرات طعام جيد للأسماك، وسمك السلمون غذاء جيد للدببة وحيوانات أخرى، وكل ذلك جزء من إعالة الطبيعة لكائناتها".
بدأ اهتمامها بالغابة باكراً، عندما كانت تعيش في بريموري تايغا بالقرب من فلاديفوستوك. "عندما كنت صغيرة اعتدت الذهاب الى الغابة وحيدة. وكنت أحياناً أجمع رفاقي وأصطحبهم معي. لم أعلم في ذلك الوقت أن ما أقوم به يدعى سياحة". رؤية دب وتتبعه عبر غابة تايغا هي من ذكرياتها الأولى المتبقية: "كان داكن اللون وأبيض الجبين. وكان أصغر من دب كامشاتكا ولكن أكثر ترويعاً نظراً لنزق طبعه. إن دببة كامشاتكا هي الأقل غضباً في العالم، لأن لديها ما يكفيها من طعام في الغابة".
سياحة بيئية
بالنسبة الى إرينا، التوعية التي تجعل الناس يقدِّرون الطبيعة والسياحة البيئية هي المدخل الى وقاية المناطق المحمية: "منذ اثني عشر عاماً، عندما قدم أول سياح أجانب الى كامشاتكا، بدأتُ العمل في السياحة التجارية مع شركة خاصة. وفي السنة الماضية حصلت على وظيفة لتنظيم السياحة لدى ادارة المنتزهات".
في مدينة بتروبافلوفسك ـ كامشاتسكي، ترتدي إرينا ملابس أنيقة وتقابل سياسيين ومسؤولين اداريين ومندوبي الصندوق العالمي للطبيعة، لتبحث معهم في سبل تطوير السياحة البيئية لجعل طبيعة كامشاتكا ذخراً اقتصادياً ومورداً ينبغي الحفاظ عليه، بدلاً من تدمير أرضها بالتنقيب عن المعادن واستغلال غاباتها لصناعة الأخشاب. وهي تعتزم الانتساب الى جامعة موسكو للتزود بالمعرفة العلمية حول سبل تعزيز السياحة البيئية: "قد يحسبني البعض مجنونة، لكنني أكيدة من جدوى وضرورة ما أفعل. فليس هناك إلا قلة من سكان كامشاتكا ممن يهتمون بالبيئة".
سألتها ماذا سيحدث اذا أتى كثير من الناس الى كامشاتكا. فقالت ان السياح الذين يقصدون هذه المنطقة ذات الطبيعة المدهشة قليلون جداً حالياً، نحو ألفين في السنة، بالمقارنة مع مليونين ونصف مليون يذهبون الى ألاسكا. وبادرتني: "سياح كثيرون؟ اني أحلم بذلك! اذا عملنا كما يجب، فان مزيداً من السياح يعني مزيداً من حماية الطبيعة".
أنوك رايد صحافية تعمل مع برنامج "غابات للحياة" في الصندوق العالمي للطبيعة (WWF). وقد كتبت هذا المقال وأرسلت صورة من WWF الى "البيئة والتنمية".
كادر
كهرباء للمدينة من بخار الآبار البركانية
تقع شبه جزيرة كامشاتكا في أقصى سيبيريا الشرقية، بين بحري اوخوستك وبيرينغ والمحيط الهادئ. وتروى أساطير عن دببتها وبراكينها وينابيعها المعدنية الحارة، وعن مدينتها الرئيسية بتروبافلوفسك التي بقيت مقفلة أمام الروس والأجانب حتى أوائل تسعينات القرن الماضي. والمدينة هي آخر ملاذ في العالم لهجرة سمك السلمون المنتج للكافيار. لكن فصول الشتاء القارسة قست عليها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بسبب تضاؤل شحنات الوقود المدعوم. فأكثر من نصف سكان المنطقة يعيشون تحت مستوى الفقر ولا يستطيعون تحمل أسعار المحروقات، حتى ان كثيرين يموتون برداً كل عام.
قرر حاكم كامشاتكا فلاديمير بيريوكوف استغلال الحرارة الجوفية بالقرب من بركان موتنوفسكي، وهو واحد من نحو 30 بركاناً تمتد على طول شبه الجزيرة التي تبلغ مساحتها حوالى 270 ألف كيلومتر مربع. فطورت شركة "جيوترم" الهندسية الروسية حقلاً للحرارة الجوفية، وأقامت محطة لتوليد الكهرباء بكلفة 150 مليون دولار. ويمد الحقل المحطة بالبخار والماء المسخَّن طبيعياً تحت الأرض لادارة توربينات إنتاج الكهرباء. وتصل إنتاجية المحطة الى 50 ميغاواط، فيما تراوح طاقة الحقل بين 150 و300 ميغاواط. والهدف النهائي تزويد مدينة بتروبافلوفسك بحاجتها من الطاقة.
المشروع اجتذب البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية (EBRD) الذي قدم قرضاً بمئة مليون دولار لاقامة المحطة. ويقول أولي بوفاروف نائب رئيس "جيوترم" ان محطات الحرارة الجوفية يمكنها، نظرياً، أن تنتج 2 في المئة من احتياجات روسيا الكهربائية.
نهر جليدي في كامشاتكا الروسية
إرينا كروغلياكوفا تكشط  ـ الشاي ـ من شجرة بتولا
نهر شابيانيا
بحيرة كاريمسكي
تدرجات الصخر والنبات والقحل والثلوج
دببة كامشاتكا البنية
امرأة من شعب كورياك المحلي تصنع تحفاً للسياح
سياحة بيئية في المنتزه
كوخ للسياح على نهر شابينايا
بركان أفاشا
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.