حصلت
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية يوم 29 نيسان (أبريل)، على حكم من محكمة استئناف الإسكندرية بتعويض قيمته مليون جنيه لصالح أحد سكان منطقة وادى القمر وطفله، لتضررهما من نشاط شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند (تيتان للاسمنت)، بعد أن تيقّنت المحكمة من ثبوت خطأ الشركة، وأن الأضرار الصحية التي لحقت بالشاكيين جاءت نتيجة لاستخدامهما الفحم وقوداً بديلاً للغاز الطبيعي منذ عام 2015، بالقرب من منطقة وادى القمر السكنية غرب الإسكندرية، والتي تبعد عن وحدة حرق الفحم بمسافة عشرة أمتار، بالمخالفة لمعايير واشتراطات الفحم الواردة في قانون البيئة ولائحته التنفيذية.
وصدر الحكم من الدائرة (12) تعويضات استئناف عالى الإسكندرية، في الاستئناف رقم 3545 لسنة 79 قضائية، والذي أقامته المبادرة المصرية طعناً على الحكم الصادر في الدعوى 128 لسنة 2018.
واستند الحكم إلى حجية
الحكم النهائي البات الذي حصلت عليه المبادرة المصرية من محكمة النقض بثبوت خطأ الشركة متمثلة في رئيس مجلس إدارتها، كونه "لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لعدم تسرب ملوّثات الهواء أو تقليل كميتها، وعدم اتخاذ التدابير والاحتياطات لإنتاج المواد الخطرة في صورة سائلة أو صلبة، وتسببه بخطئه في إصابة المجنى عليهم [ومنهم الشاكيان] نتيجة الإهمال وعدم مراعاة القوانين واللوائح"، كما جاء في التقرير الميداني للطب الشرعي في الإسكندرية بعد الكشف على موكل المبادرة المصرية وطفله، مؤكداً أنهما يعانيان من التهابات بالرئتين وحساسية بالصدر، وهي من الأمراض المزمنة التي قد تنشأ نتيجة التعرض بصورة مستمرة لملوّث هوائي، وأنه "لا يوجد أو يتعارض من أن يكون المصنع (تيتان) وما يبعثه من ملوّثات هوائية هو المسؤول عن ما آلت إليه حالتهما".
واعتبرت المبادرة المصرية هذا الحكم خطوةً إيجابية في تعامل القضاء المصرى مع الأضرار البيئية وكيفية التعويض عنها، خاصة أن تقارير الطب الشرعي كانت تصدر من قبل غير جازمة في إسناد سبب الإصابة إلى الأخطاء البيئية، ما يتيح الفرصة لإفلات المتسببين في تلوّث البيئة، ويهدر حقوق المتضررين الحالين والأجيال القادمة. وأضافت المبادرة أن الانتهاكات والأضرار البيئية تنال من جميع السكان وتؤثر بشكل أساسي على زيادة تسارع التغيُّرات المناخية.
وكانت المبادرة المصرية قد أقامت نيابة عن الموكل، هانى عبد الفتاح، ومتضررين آخرين من سكان وادى القمر، دعاوى للمطالبة بالتعويض استناداً إلى البلاغ الذي تقدم به محامو المبادرة في عام 2015، يتهمون فيه مصنع تيتان للأسمنت بالإضرار بصحتهم جراء تلوّث الهواء الذي تسببه انبعاثات المصنع الذي يبعد عن منازلهم أمتاراً قليلة، وهو ما أدى إلى إصابة الشاكين -ومنهم المستأنف وطفله- بأمراض صدرية وتنفسية. وقد أثبتت النيابة العامة صحة الشكوى من خلال معاينة محل سكن الشاكين وإجراء الكشف الطبي عليهم في مستشفى الصدر بكوم الشقافة بكرموز. وقُيّد هذا البلاغ برقم 6645 لسنة 2016 جنح الدخيلة ضد رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، بصفته، وذلك لعدم اتخاذه الاحتياطات اللازمة لعدم تسرب ملوّثات الهواء أو تقليل كمية الملوّثات، وعدم اتخاذ التدابير اللازمة والاحتياطات لإنتاج المواد الخطرة في صورة سائلة أو صلبة، وتسببه بخطئه في إصابة المجني عليهم - وهم أكثر من ثلاثة أشخاص - نتيجة إهماله وعدم مراعاة القوانين واللوائح. وقد أدانته المحكمة بغرامة 20 ألف جنيه عن كل من التهمتين اﻷولى والثانية ومائتي جنيه عن التهمة الثالثة.
وصار الحكم نهائيًا وباتاً بصدور الحكم في الطعن بالنقض رقم 14888 لسنة 9 قضائية (نقض جنح).
وسبق لمحكمة استئناف الإسكندرية أن قضت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بتعويض السيدة هناء عبد اللطيف، إحدى المجني عليهم،
بمبلغ 750 ألف جنيه، ثم قامت الشركة بمحاولة عرقلة التنفيذ من خلال تقديم استشكال لوقف التنفيذ. وبجلسة 28 نيسان (أبريل) قضت محكمة غرب الإسكندرية برفض الاستشكال لتعاود السيدة هناء مرة أخرى السير في إجراءات تنفيذ الحكم.
كما قضت دائرة مغايرة بمحكمة استئناف الاسكندرية في كانون الثاني (يناير) الجاري بتعويض السيد سعيد عبده السيد شويته، أحد المجنى عليهم، ونجليه بمبلغ 120 ألف جنيه.
وثمّنت المبادرة المصرية هذه الأحكام، التي تتوَّج مسيرةً قضائية طويلة خاضها الأهالي المتضررون بالشراكة مع المبادرة المصرية من أجل إثبات مسؤولية مصنع أسمنت تيتان عن تلوّث الهواء والضرر الصحي والبيئي. وتأمل في أن يصبح التقاضي البيئي أداةً فعَّالة ورادعة في تحسين الأداء البيئي للمشروعات، وفي حماية الحقوق البيئية والصحية لكافة السكان.