تعاقبت السنوات على وجود ناقلة النفط "صافر" المهجورة قبالة السواحل الغربية لليمن، الأمر الذي يهدد يوماً بعد يوم بوقوع كارثة بيئية حقيقية في حال حدوث تسرب نفطي من هذه الآلية الجاثمة في المكان المذكور منذ 2015.
ووصلت الأحد السفينة "نوتيكا" العملاقة المملوكة للأمم المتحدة إلى قبالة سواحل اليمن، تمهيداً لبدء سحب النفط من "صافر" في عملية حساسة للغاية.
في ما يأتي نقاط أساسية يجب معرفتها:
"قنبلة موقوتة"
ترسو "صافر" التي صُنعت قبل 47 عاماً وتستخدم كمنصة تخزين عائمة، قبالة ميناء الحديدة الاستراتيجي الخاضع لسيطرة الحوثيين، والذي يعدّ بوابة رئيسية للشحنات القادمة إلى البلد الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
ولم تخضع السفينة لأي صيانة منذ 2015، ما أدى إلى تآكل هيكلها وتردي حالتها، وهي متوقفة منذ ذلك العام على بعد 4,8 أميال بحرية (نحو 9 كيلومترات) من السواحل اليمنية.
"صافر" محملة بـ1,14 مليون برميل من النفط الخام، ما يوازي أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت تحملها الناقلة "إكسون فالديز"، التي تسببت في العام 1989 بواحدة من أكبر الكوارث البيئية في تاريخ الولايات المتحدة.
عام 2017، تعطل النظام الذي يضخ الغاز في الخزانات، ما زاد من خطر حدوث انفجار. ووصفت الأمم المتحدة ومنظمة "غرينبيس" السفينة بأنها "قنبلة موقوتة".
وستجري العملية على مرحلتين: الأولى هي سحب النفط من الناقلة إلى سفينة الأمم المتحدة، والثانية نقل "صافر" من موقعها الحالي إلى مكان آمن. وتقدّر الكلفة الإجمالية للعملية بـ143 مليون دولار، بحسب الأمم المتحدة، التي تقول إنه لا يزال ينقص 22 مليوناً من المبلغ.
كلفة التنظيف: 20 بليون دولار وأضرار كبيرة
في حال حصول تسرب نفطي، تقدّر كلفة عملية التنظيف بـ20 بليون دولار، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. كما أن ذلك سيلحق ضرراً كبيراً بالنظم البيئية للبحر الأحمر، ما سيقضي على سبل عيش نحو 200 ألف شخص.
وقد يتسبب تسرب كبير أيضاً بإغلاق محطات تحلية المياه على ساحل البحر الأحمر، ما سيؤدي إلى قطع مصادر المياه العذبة عن ملايين الناس، إضافة إلى إغلاق ميناءي الحديدة والصليف، اللذين تمر عبرهما الإمدادات الأساسية في بلد يحتاج فيه 17 مليون شخص للمساعدات الغذائية، وفق الأمم المتحدة.
كذلك يمكن أن تطال الكارثة البيئية دولاً مجاورة مطلة على البحر الأحمر، خصوصاً جيبوتي وإريتريا والسعودية والصومال، كما أن حركة الملاحة التجارية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس قد تتعطل لفترة طويلة، ما سيتسبب بخسارة بلايين الدولارات يومياً، بحسب الأمم المتحدة.
مذكرة تفاهم مع الحوثيين
استغرقت محاولات تقييم ظروف الناقلة المتردية سنوات، مع رفض الحوثيين طلبات الأمم المتحدة بالوصول إلى "صافر".
وطلب الحوثيون ضمانات، أن يتم إصلاح الناقلة، وأن تحوّل عائدات النفط الموجودة على متنها لتسديد رواتب موظفين يعملون في إدارات تخضع لسلطتهم. في المقابل، دعت الحكومة اليمنية إلى إنفاق أي مبلغ يتأتى من بيع هذا النفط على مشاريع صحية وإنسانية.
في آذار (مارس) 2022، وقّعت الأمم المتحدة مذكرة تفاهم مع الحوثيين، لوضع إطار للتعاون بهدف تسهيل حل قضية "صافر".
وأخيراً، بدأت عملية معاينة الناقلة في 30 أيار (مايو) 2023. وقد صعد فريق خبراء من شركة "سميت سالفدج" الخاصة (SMIT Salvage) التي ستسحب النفط على متن "صافر"، لإجراء تقييم لوضعها، ومباشرة الاستعدادات للعملية.
في حزيران (يونيو)، أزالت الأمم المتحدة عقبة إضافية، هي تأمين العملية المعقدة والمحفوفة بالمخاطر. وأعلنت شركة سميت سالفدج، أن التقييم أظهر أن صافر "متينة بما يكفي" لإجراء عملية السحب.
عملية نقل النفط من "صافر" إلى "نوتيكا"
وصلت الأحد السفينة "نوتيكا" العملاقة المملوكة للأمم المتحدة، إلى قبالة سواحل اليمن قادمة من جيبوتي ورست إلى جانب "صافر".
ويتوقّع أن تبدأ عملية الضخ في الأيام المقبلة. وأكّد بيتر بيردوفسكي، رئيس مجلس إدارة بوسكاليس (Boskalis) الهولندية المالكة لشركة "سميت سالفدج"، أن عملية نقل النفط من "صافر" إلى "نوتيكا" قد تستغرق من أسبوع إلى شهر، بناء على نوعية النفط ومدى سهولة ضخه.
وتحذّر الأمم المتحدة من أنه حتى بعد النقل، "فإن الناقلة المتهالكة صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي متبق من الاحتفاظ ببقايا النفط اللزج، وستظل معرضة لخطر الانهيار".
خلال عملية النقل وبعدها، ستقيّم شركة "سميت سالفدج" كمية الرواسب النفطية المتبقية في خزانات صافر، التي سيتم نقلها إلى مكان مخصص لتنظيفها، أو في حال لم يسمح وضعها بنقلها ستنظف في مكانها.
من المفترض أن يتم إيقاف تشغيل "صافر" بالكامل، مع إعادة تدوير أجزائها. وسيتم تغيير اسم السفينة "نوتيكا" ليصبح "اليمن"، على أن تبقى في المنطقة مع استمرار المحادثات بشأن من سيتحكم بها وبمصير النفط. (عن "فرانس24/أ ف ب")