تمكّن العلماء، من خلال دراسة حديثة، من كشف السبب الكامن وراء الطفرة الغامضة في انبعاثات غاز الميثان الجوي، الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، في عام 2020.
وقال العلماء إن حدوث الطفرة رغم الإغلاق الصارم الناتج عن "كوفيد-19"، والذي قلل من العديد من مصادر غاز الميثان التي يسببها الإنسان، يمكن تفسيرها بزيادة الانبعاثات من الطبيعة وخفض تلوُّث الهواء بشكل مفاجئ.
ويبقى الميثان في الغلاف الجوي فقط كجزء بسيط من ثاني أوكسيد الكربون، ولكنه أكثر كفاءة في حبس الحرارة، وهو مسؤول عما يقارب 30 في المئة من الارتفاع العالمي في درجات الحرارة حتى الآن.
وتُعدّ غازات الاحتباس الحراري القوية، المنبعثة من قطاعات النفط والغاز والنفايات والزراعة، وكذلك من خلال العمليات البيولوجية في الأراضي الرطبة، هدفاً رئيسياً لجهود الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري.
لكن دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature تشير إلى أن قطع الميثان قد يكون أكثر صعوبة - وأكثر إلحاحاً - مما هو مفهوم حالياً.
ووجد باحثون من الصين وفرنسا والولايات المتحدة والنروج أن الجهود المبذولة لتقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتلوُّث الهواء ستؤثر على عملية الغلاف الجوي التي تنظف الميثان من الهواء. وهذا يعني أن غازات تسخين الكوكب ستبقى أطول وتتراكم بشكل أسرع.
وأوضح فيليب سيايس، الذي شارك في قيادة الدراسة، من مختبر فرنسا لعلوم المناخ والبيئة (LSCE)، أنه إذا أراد العالم مواجهة التحدي المتمثل في الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين منذ حقبة ما قبل الصناعة، "فسيتعيّن علينا التحرك بسرعة أكبر وبقوة أكبر لتقليل الميثان".
وركّز الباحثون على غموض تركيزات الميثان في الغلاف الجوي في عام 2020، والتي سجّلت أكبر زيادة لها على الإطلاق حتى مع انخفاض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بسبب عمليات إغلاق "كوڤيد-19".
وكشفت مارييل سونوا، المؤلفة المشاركة في الدراسة من مختبر فرنسا لعلوم المناخ والبيئة، إن ما وجدوه من المحتمل أن يكون جزأين من "الأخبار السيئة" لتغيُّر المناخ.
أولاً، نظروا في قوائم الجرد لتقييم الوقود الأحفوري وانبعاثات غاز الميثان من الزراعة ووجدوا أن المصادر البشرية للميثان انخفضت بالفعل بشكل طفيف في عام 2020.
ثم استخدموا نماذج النظام البيئي لتقدير أن الظروف الأكثر دفئا ورطوبة على أجزاء من نصف الكرة الشمالي تسببت في زيادة الانبعاثات من الأراضي الرطبة.
وهذا مثير للقلق ويؤكد بحثاً آخر يقول إنه كلما تم إطلاق المزيد من الميثان، زاد الاحترار، ما قد يؤدي إلى تكوين حلقة تغذية مرتدة خارجة عن سيطرة الإنسان إلى حد كبير.
ووجد الباحثون أن هذا ليس سوى نصف القصة.
ونظر الباحثون أيضاً في التغييرات في كيمياء الغلاف الجوي، لأن هذا يوفر "حوضاً" للميثان، وينظفه بشكل فعال من الهواء في فترة قصيرة نسبياً عن طريق تحويله إلى ماء وثاني أوكسيد الكربون عندما يتفاعل مع جذور الهيدروكسيل (OH).
وتوجد جذور الهيدروكسيل هذه بكميات صغيرة ولها عمر أقل من ثانية، لكنها تُزيل نحو 85 في المئة من الميثان من الغلاف الجوي.
وقام الباحثون بمحاكاة التغيُّرات في الهيدروكسيل باستخدام المصادر البشرية لأول أوكسيد الكربون والهيدروكربونات وانبعاثات أوكسيد النيتروجين، التي تؤثر مجتمعة على إنتاج وفقدان جذور الهيدروكسيل في الغلاف الجوي.
ووجدوا أن تركيزات جذور الهيدروكسيل انخفضت بنحو 1.6 في المئة في عام 2020 عن العام السابق، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى انخفاض انبعاثات أوكسيد النيتروجين (NOx) الناجم عن عمليات إغلاق "كوڤيد-19".
وينبعث أوكسيد النيتروجين في الهواء بشكل أساسي من احتراق الوقود.
وصرح سيايس في بيان صحافي بأن خفض أكاسيد النيتروجين بنسبة 20 في المئة يمكن أن يزيد الميثان بسرعة مضاعفة، مضيفاً: "لقد فاجأنا هذا كثيراً".
وأوضح الباحثون أن دراستهم تساعد في حل لغز ارتفاع غاز الميثان في الغلاف الجوي في عام 2020. لكنهم أقروا بضرورة القيام بالمزيد من العمل للإجابة على اللغز التالي: لماذا سجّل ارتفاع تركيزات الميثان رقماً قياسياً جديداً في عام 2021. (عن "phys.org")