شهِدت عدة دول في أوروبا الغربية، وفي مقدمتها فرنسا خلال فصل الصيف، تقلّبات غير مسبوقة في الطقس ما بين ارتفاع درجات الحرارة وفيضانات وحرائق، الأمر الذي اعتبره علماء بمثابة جرس إنذار لتداعيات التغيُّر المناخي وارتفاع نسبة الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري.
ودفعت هذه التغيُّرات المناخية الحكومة الفرنسية لاتخاذ بعض الإجراءات لتقليل مخاطر الاحترار المناخي، وتحديداً في العاصمة باريس، لاسيما أن نسبة استهلاك الطاقة فيها لم تنخفض سوى 5 في المئة في الـ15 عاماً الماضية، رغم أن الحكومة خططت لخفض النسبة إلى 25 في المئة.
ومؤخراً، أعلنت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو، خطة لتحويل باريس إلى مدينة خضراء وصديقة للبيئة، مؤكدة على أن الحفاظ على البيئة معركة القرن.
بنود الخطة:
• تتضمن الخطة المناخية في باريس أكثر من 500 إجراء في مجالات الطاقة والبناء والنقل، بهدف تقليل نسبة الكربون في الهواء بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2050.
• من بين التدابير، إطلاق عملية تشجير وإنشاء مناطق خضراء في مداخل باريس، وتقليل عدد اللوحات الإعلانية التي تستهلك طاقة.
• إضافة إلى إطلاق مشروع لتشجيع التنقل بالدراجات الهوائية، وتقليل استخدام السيارات في باريس، لذا تخصص نحو 130 كيلومتراً مسارات إضافية للدراجات في الفترة ما بين 2021 إلى 2026، مع منع استخدام السيارات خلال أيام العطلة.
• تستهدف الخطة بحلول عام 2050 تزويد جميع سكان العاصمة الفرنسية بالطاقة المتجددة.
الحزام الأخضر:
• تسعى بلدية باريس من خلال الخطة إلى تقليل درجات الحرارة في مشروع الحزام الأخضر، الذي يعتمد على زراعة الأشجار على الطريق حول المدينة، لتصل إلى 17 ألف شجرة بحلول عام 2026 لتعمل كمبرّدات طبيعية.
• تستهدف الخطة تغطية جميع أفنية المدارس بغطاء نباتي لتقليص تداعيات التغيُّر المناخي بحلول عام 2050.
• نجحت خطة العزل الحراري لأسقف المباني السكنية في الوصول لـ55 ألف شقة، ويوفّر هذا الإجراء 54 في المئة من الطاقة ويقلل الانبعاثات الحرارية بنسبة 56 في المئة ويجعل المباني صديقة للبيئة.
تداعيات التغيُّر المناخي:
• لجأت الحكومة الفرنسية إلى هذه التدابير الاستثنائية، بعد تسجيل درجات حرارة ما بين 36 و39 درجة مئوية خلال الشهرين الماضيين، وتجاوزت الحرارة في عدة مرات 40 درجة مئوية.
• تسبب ارتفاع الحرارة في اندلاع حرائق الغابات جنوب غرب فرنسا وإجلاء مئات الأشخاص من منازلهم.
• تضررت أراضٍ زراعية ومبانٍ من الحرائق، وغطى الدخان نحو 11 ألف هكتار من الغابات، وشهدت منطقة جيروند حريقين، أحدهما يعدّ الأكبر منذ 20 عاماً في هذه المنطقة.
• انخفض منسوب نهر الغارون، ما أدى لنقص احتياطي المياه في السدود في فرنسا.
لماذا ينتقد البعض الإجراءات؟
• اعترض بعض السياسيين في حزب الخضر على مشروع الحزام الأخضر، معتبرين أنه يتناقض مع الهدف البيئي منه، ويتسبب في قطع أشجار قديمة لزراعة أشجار بديلة على الطريق الدائري للمدينة.
• يجد الخبير البيئي، جمال باوزير، أن هذه الإجراءات غير كافية للحدّ من خطورة التغيُّر المناخي، مشيراً في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن هذه التدابير تخفف من آثار الاحتباس الحراري الذي نجم عن النشاط البشري من حرق الغابات والتوسع في زراعة المحاصيل النقدية وتغيير استخدامات الأراضي، إضافة إلى استخدام الوقود الأحفوري بنسبة عالية.
ما هو المطلوب؟
• يجب خفض الانبعاثات الكربونية بشكل عام وليس فقط في دول معيّنة، خاصة في الدول الصناعية الكبرى المسؤولة عن زيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، نظراً لأن أزمة التغيُّر المناخي عالمية، ولا يمكن حلّها إلا بالتكيُّف والاستعداد لأي ضرر، بحسب باوزير.
• يضيف "يجب أن تحوّل فرنسا وغيرها من الدول أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة المساحات الخضراء المزروعة في كل المدن وليس العاصمة فقط".
• يشير إلى أن مشروع تقليل استخدام السيارات في باريس يمكن أن يتوسع باعتماد وسائل النقل على الطاقة المتجددة وجعلها صديقة للبيئة، إضافة إلى استخدام التقنيات المبتكرة لإعادة الغازات الدفيئة إلى مكونات غير ضارة يستفاد منها. (عن "SNABusiness")